صفحة جزء
شعر مكتوب على حائط

حدثنا محمد بن القاسم الأنباري أبو بكر ، حدثنا أبو علي العنزي الحسن بن عليل ، قال : حدثنا علي بن الحسين الدرهمي ، قال : كنا عند محمد بن عبيد الطنافسي ، فقال : قرأت على حائط بالحيرة منذ أربعين سنة :


إن البلية أن تحب ولا يحبك من تحبه     فيصد عنك بوجهه
وتلح أنت فلا تغبه     أقلل زيارتك الصدي
ق يراك كالثوب استجده     إن الصديق يمله
ألا يزال يراك عنده

قال أبو بكر : هذا مما لا يعاب فيه الشاعر .

قال القاضي أبو الفرج : في هذا الشعر موضعان فيهما قوله " يراك " ، وذاك أن وجه الكلام يرك بالجزم ، لأنه جواب الأمر ، وهو قوله : أقلل ، ولو أنشد يراك على من يقول هو يراني كما قال الشاعر :


أري عيني ما لم ترأياه     كلانا عالم بالترهات

لكان جيدا وزحافه جائزا ، وما " يزال " فإنه لم يحذف فيه الألف ، على رده إلى الأصل في التقدير ، وله نظائر في الكلام وقد قرأ بعض القراء في غير موضع من القرآن على هذه اللغة ، وقد ذكرنا في بعض مجالس كتابنا من هذا الباب ، وما أتى فيه من شواهد الشعر ما لا طائل في إعادته ، وروينا هذا لأبيات عمن ذكر أن الشافعي تمثل بها ، وأما الوجه الآخر فإن منه ما قد جاء مثله ، وهو من عيوب الشعر المعروفة ومنه ما لا يجوز البتة .

التالي السابق


الخدمات العلمية