صفحة جزء
المجلس الثاني والستون

يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت

أخبرنا المعافى قال حدثنا إبراهيم بن الفضل الحلواني سنة سبع عشرة وثلاثمائة قال حدثنا أحمد بن حازم الكوفي قال حدثنا عبيد الله بن موسى قال حدثنا شيبان عن ليث عن شهر بن حوشب الأشعري عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله قال : إن الله عز وجل يقول يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت ، فاستغفروني أغفر لكم ، ومن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاستغفرني بقدرتي غفرت له ذنوبه ، وكلكم ضال إلا من هديت فسلوني أهدكم ، وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم ، ولو أن أولكم وآخركم وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على إشقاء قلب عبد من عبادي لم ينقص ملكي جناح بعوضة ، ولو أن حيكم وميتكم وأولكم وآخركم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فسأل كل سائل ما بلغت أمنيته فأعطيت كل سائل ما سأل لم ينقص ملكي إلا كما لو أن أحدكم مر على شفة البحر فغمس فيه إبرة ثم انتزعها ، وذلك بأني جواد واجد أفعل ما أشاء ، عطائي كلام ، وعذابي كلام ، إذا أردت شيئا فإنما أقول له كن فيكون .

تعليق على الحديث

قال القاضي أبو الفرج : في هذا الخبر ما يبعث على التفكر في عظمة الله ورأفته [ ص: 453 ] ورحمته وسعة ملكه وجوده وكرمه ، ويدعو إلى توجيه كل راغب إليه رغبته ومسألته ومغفرته وإنزاله كل حاجة به ثقة بتفضله وإيمانا بأنه الملك الأعز الأكرم وحده الذي بيده ملكوت كل شيء ، وهو يجير ولا يجار عليه ، وأنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه ، وأن الفضل كله بيده ، اللهم فاغفر لنا ذنوبنا واستر عيوبنا واكشف كروبنا وطهر قلوبنا فقد فرطنا في أمورنا وظلمنا أنفسنا ، وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين ، اللهم وأجرنا من سخطك واعصمنا من معصيتك ووفقنا لطاعتك وأعنا على عبادتك وأوزعنا شكر نعمتك وألهمنا ذكرك ، ويسر لنا الحلال الطيب من رزقك وألبسنا عافيتك وافتح لنا أبواب فضلك وأحينا متقلبين في نعمك منعمين بخيرك واختم لنا خير خاتمة وأكرمنا بحسن المنقلب ، واجعل قبضك إيانا راحة لنا من فتن الدنيا ومهالكها ومفضيا بنا إلى روح الجنة وممالكها ، إنك جواد كريم رؤوف رحيم .

التالي السابق


الخدمات العلمية