صفحة جزء
المجلس الثاني والسبعون

وفاة أبي ذر

حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكرياء الجريري قال حدثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول قال حدثنا الحسن بن محمد الزعفراني قال حدثنا يحيى بن سليم الطائفي قال حدثني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر قالت : لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت ، فقال : ما يبكيك؟ فقلت : وما لي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ، ولا يد لي بدفنك وليس عندي ثوب يسعني كفنا لي ولا لك؟ قال : فلا تبكي وأبشري فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية وجماعة ، وأنا الذي أموت بفلاة ، والله ما كذبت ولا كذبت ، فأبصري إلى الطريق ، قالت قلت : أنى وقد ذهب الحاج وانقطع الطريق؟ قال : اذهبي فتبصري ، قالت : فكنت أذهب إلى كثيب فأتبصر عليه وأرجع إليه فأمرضه ، فبينا أنا كذلك إذا أنا برجال على رحالهم كأنهم الرخم ، فألحت بثوبي ، فأقبلوا إلي حتى وقفوا علي فقالوا : ما لك يا أمة الله؟ فقلت : امرؤ من المسلمين يموت تكفنونه ، قالوا : ومن هو؟ قلت : أبو ذر ، قالوا : صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت قلت : نعم ، قالت : ففدوه بآبائهم وأمهاتهم وأسرعوا إليه ، ودخلوا عليه فرحب بهم وقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لنفر أنا فيهم : ليموتن منكم رجل بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المسلمين ، وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد هلك في قرية أو جماعة ، وأنا الذي أموت بالفلاة ، أتسمعون؟ إنه لو كان عندي ثوب لي يسعني كفنا لي أو لامرأتي لم أكفن إلا في ثوب لي أولها ، أنتم تسمعون؟ إني أنشدكم الله أن يكفنني أحد منكم كان أميرا أو عريفا أو بريدا أو نقيبا ، وليس من القوم أحد إلا وقد قارب بعض ما قال إلا فتى من الأنصار ، فقال : يا عم أنا أكفنك لم أصب مما ذكرت شيئا ، أكفنك في ردائي هذا وفي ثوبين من عيبتي من غزل أمي حاكتهما لي ، فكفنه [ ص: 536 ] الأنصاري في النفر الذين شهدوه منهم حجر بن الأدبر ومالك الأشتر في نفر كلهم يمان .

للخبر دلالة على نبوة الرسول قال القاضي رحمه الله : في هذا الخبر أكبر دليل على نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبوت رسالته لإخباره من الغيب بما وجد على ما وصفه ، وهذا مما لم يعلمه إلا بوحي من الله عز وجل ألقاه إليه صلى الله عليه وسلم ، وفيه ما ينبئ عن فضل النفر الذين ولوا أمره ، و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم

التالي السابق


الخدمات العلمية