صفحة جزء
الجريري يستغيث بالله من الظلم والظلمة

قال القاضي : قد رأينا ما قدم نبينا صلى الله عليه وسلم الإخبار به وشاهدناه وظهر لنا ما أنبأنا به وعايناه ومنعنا الذي لنا فصبرنا ، وليت مانعنا حثنا والمستبد به اقتصر على ما أتاه ولم يتجاوزه إلى اغتصاب التالد والطريف من أموالنا بالخبط والعسف والتعذيب والعنف ، ولم يتخطه إلى تكليفنا ما لا نقدر عليه ولا نصل إليه ، فإلى الله المشتكى والملتجأ ، وهو المستغاث المرتجى ، بعدله نستجير من جور من غلبنا على أقواتنا فشبع بها وأجاعنا ، وحفظ بها نفسه وأضاعنا ، فإنه قاصم العتاة المترفين ، وعاصم العناة المستضعفين ، وما هو بغافل عما يعمل الظالمون . وقد قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين قالوا أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون اللهم وإنا أصبحنا مستغيثين بك فصبرنا على بلائك ووفقنا لشكر آلائك وألهمنا تقواك حتى تكون العاقبة لنا واستنقذنا من عدوك وعدونا إنك رؤوف رحيم جواد كريم . فأما ممالأة قراء السوء أشكالهم من أمرائهم فقد ظللنا منه في أمر عظيم وخطب جسيم ، وصار من يعتزي إلى تلاوة القرآن ويدعى له علم شرائع الإيمان ممن ليس عنده مما ينسب إليه إلا ادعاؤه وقد تموه له بجده وامتحان العباد به ما يظن أنه حاصل له وإن كان صفرا منه ، ومنهم من قد جعل الزخرفة والغلط والهجر له صفة معرضه الذي يدلس به نفسه ، ويوهم الجهال أن وراء ما يظهره ما يضاهي ما اغتروا به ، ومنهم من قد اتفق له من بعض المترفين وجهلة المتعلمين قبول له وصبابة نحوه ، واطراح الدين شامل لهذه الفرق المتقدمة المفتتن بها ، والله نسأل إدالة أوليائه وإزالة أعدائه .

التالي السابق


الخدمات العلمية