خطبة
زياد البتراء
حدثنا
محمد بن القاسم الأنباري قال حدثني
محمد بن أبي يعقوب الدينوري قال حدثنا
عبيد بن محمد الفريابي قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16490عبد الملك بن عمير قال :
شهدت زياد بن أبي سفيان وقد صعد المنبر فسلم تسليما خفيا ، وانحرف انحرافا بطيا ، وخطب خطبة بتيراء ، قال ابن الفريابي والبتيراء التي لا يصلى فيها على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال : إن أمير المؤمنين قد قال ما سمعتم ، وشهد الشهود بما قد علمتم ، وإنما كنت امرءا حفظ الله مني ما ضيع الناس ، ووصل مني ما قطعوا ، ألا إنا قد سسنا وساسنا السائسون ، وجربنا وجربنا المجربون ، وولينا وولينا الوالون ، وإنا وجدنا هذا الأمر لا يصلحه إلا شدة في غير عنف ، ولين في غير ضعف ، وايم الله إن لي فيكم صرعى فليحذر كل رجل منكم أن يكون من صرعاي ، والله لآخذن البريء بالسقيم ، والمطيع بالعاصي ، والمقبل بالمدبر ، حتى تلين لي قناتكم ، وحتى يقول القائل منكم : انج سعد فقد قتل سعيد ، فرب فرح بإمارتي لن تنفعه ، ورب كاره لها لن تضره . وقد كانت بيني وبين أقوام منكم دمن وأحقاد ، وقد جعلت ذلك خلف ظهري وتحت قدمي ، فلو بلغني عن أحدكم أن البغض لي قتله ، ما كشفت له قناعا ولا هتكت له سترا حتى يبدي صفيحته ، فإذا أبداها لم أقله عثرته ، ألا ولا كذبة أكبر شاهدا عليها من كذبة أمير على منبر ، فإذا سمعتموها مني فاغتمزوها في ، وإذا وعدتكم خيرا أو شرا فلم أف لكم به فلا طاعة لي في رقابكم ، ألا وأي رجل منكم ممن كان مكتبه خراسان فأجله سنتان ، ثم هو أمير نفسه ، وأيما رجل منكم كان مكتبه دون خراسان فأجله ستة أشهر ، ثم هو أمير نفسه ، وأيما امرأة احتاجت فإننا نعطيها عطاء زوجها ثم نقاصه به ، وأيما عقال فقدتموه من مقامي هذا إلى خراسان فأنا له ضامن .
فقام إليه نعيم بن الأهتم المنقري فقال : أشهد لقد أوتيت الحكمة وفصل الخطاب ، فقال : كذبت أيها الرجل ، ذاك نبي الله داود عليه السلام ، ثم قام إليه nindex.php?page=showalam&ids=13669الأحنف بن قيس فقال : أيها الرجل ، إنما الجواد بشده ، والسيف بحده ، والمرء بجده ، وقد بلغك جدك ما ترى ، وإنما الشكر بعد العطاء ، والثناء بعد البلاء ، ولسنا نثني عليك حتى نبتليك ، فقال : صدقت ، ثم قام أبو بلال مرداس بن أدية فقال : أيها الرجل قد سمعت قولك : والله لآخذن البريء بالسقيم والمطيع بالعاصي والمقبل بالمدبر ولعمري لقد خالفت ما حكم الله في كتابه إذ يقول : ولا تزر وازرة وزر أخرى فقال : إيها عني ، فو الله ما أجد السبيل إلى ما تريد أنت وأصحابك حتى أخوض الباطل خوضا ، ثم نزل فقام إليه
مرداس بن أدية وهو يقول؛
يا طالب الخير مهر الجور معترض طول التهجد أو فتك بجبار لا كنت إن لم أصم عن كل غانية
حتى يكون بريق الحور إفطاري
فقال له رجل : أصحابك يا
أبا بلال شباب ، فقال : شباب متكهلون في شبابهم ، ثم قال :
إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم سجود
فشرى وانجفل الناس معه ، وكان قد ضيق
الكوفة على
زياد .
قال
القاضي : قد روي لنا هذا الشعر في بعض أخبار الفوائد على غير هذه القافية وهو :
إذا ما الليل أظلم كابدوه فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا وأهل الأمن في الدنيا هجوع
تفسير ما ورد في البتراء
رغم تكرر ورودها
قال
القاضي : كتبت هذا الخبر هاهنا وأنا أريد كتب غيره خطأ مني ، لأني قد رسمته في بعض ما تقدم من مجالس هذا الكتاب، وأنا أذكر هاهنا من تفسيره ما يخرج به من كتبه عن أن يكون لاقى عناء بتكرار لا فائدة فيه .
قال
القاضي : قول
زياد : إن هذا الأمر لا يصلحه إلا ما ذكره قد سبق إلى معناه ولفظه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فذكر من يلي شيئا من أمور المسلمين فقال : يكون قويا في غير عنف ، لينا في غير ضعف ، وفي ضعف لغتان : الضم والفتح ، وقد قرأت القرأة بهما في القرآن ، وزعم بعض علماء اللغة أن وجه الكلام فيه أن يضم حيث يكون إعراب الكلمة فيه غير النصب ، ويفتح مع النصب ، واستقصاء الكلام في هذا في موضعه من الكتب المؤلفة في علوم القرآن . وقوله : قد كانت بيني وبين قوم منكم دمن وأحقاد الدمن : الأحقاد واحدها : دمنة ، يقال في نفسه دمنة وحسيكة وغمر وسخيمة وضغن وكتيفة ، ويجمع كتائف كقول الشاعر :
أخوك الذي لا يملك الحس نفسه وتهتز عند المحفظات الكتائف
وفيه غل ، في أسماء كثيرة . وقوله : انج سعد فقد قتل سعيد كان ابنا
ضبة بن أد خرجا في بغاء إبل لهما ، فرجع
سعد ولم يرجع
سعيد ، فكان أبوهما إذا أقبل أحدهما يقول :
أسعد أم
سعيد ، فأرسلها مثلا .