صفحة جزء
مقولة لعلي في مفهوم القضاء والقدر

حدثنا الحسين بن أحمد بن محمد الكلبي قال حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال حدثنا العباس بن بكار قال حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة قال :

لما قدم علي رضي الله عنه من صفين قام إليه شيخ من أصحابه فقال : يا أمير المؤمنين أخبرني عن مسيرنا إلى أهل الشام ، بقضاء وقدر؟ فقال علي عليه السلام : والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، ما قطعنا واديا ولا علونا تلعة إلا بقضاء وقدر ، فقال الشيخ : عند الله أحتسب عنائي ، فقال علي عليه السلام ، ولم؟ بل عظم الله أجركم في مسيركم وأنتم مصعدون ، وفي منحدركم وأنتم منحدرون ، وما [ ص: 601 ] كنتم في شيء من أموركم مكرهين ولا إليها مضطرين ، فقال الشيخ : كيف يا أمير المؤمنين والقضاء والقدر ساقنا إليها؟ قال : ويحك لعلك ظننته قضاء لازما وقدرا حاتما ، لو كان ذاك لسقط الوعد والوعيد ، ولبطل الثواب والعقاب ولا أتت لائمة من الله لمذنب ، ولا محمدة من الله لمحسن ، ولا كان المحسن أولى بثواب الإحسان من المذنب ، ذلك مقال إخوان عبدة الأوثان وجنود الشيطان وخصماء الرحمن ، وهم قدرية هذه الأمة ومجوسها ، ولكن الله تعالى أمر بالخير تخييرا ، ونهى عن الشر تحذيرا ، ولم يعص مغلوبا ، ولم يطع مكرها ، ولم يملك تفويضا ، ولا خلق السماوات والأرض وما أرى فيهما من عجائب آياتهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار

فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين فما كان القضاء والقدر الذي كان فيه مسيرنا ومنصرفنا؟ قال : ذلك أمر الله وحكمته . ثم قرأ علي رضي الله عنه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه فقام الشيخ تلقاء وجهه ثم قال :


أنت الإمام الذي نرجو بطاعته يوم النشور من الرحمن رضوانا     أوضحت من ديننا ما كان ملتبسا
جزاك ربك عنا فيه إحسانا

التالي السابق


الخدمات العلمية