إضاءة على الخبر السابق
قال القاضي:
قول زياد للأحنف " تنازعني فيه مخلوجة ": أي: تعترضني فيه عارضة متعرجة ليست على سمت ولا استقامة، فتقطعني عن الاستمرار فتجذبني إلى الانحراف عن المحجة إلى الشبهة المؤدية إلى الحيرة، قال
امرؤ القيس: نطعنهم سلكى ومخلوجة كرك لامين على نابل
ويروى كر كلامين، وفي رواية هذا البيت وتفسيره اختلاف، وشرحه مستقصى في غير هذا الموضع. وأصل الاختلاج الاقتطاع والاجتذاب، ومنه سمي الخليج خليجا لأنه مخلوج من البحر ومعظم الماء، بمنزلة مجروح وجريح ومقتول وقتيل. وقوله: " وأنا على صريمة " أي على أمر أنا قاطع عليه وواثق به، من صرم الحبل إذا قطعه، فصريمة ذاك مقطوع عليها غير مرتاب بها. ومن ذلك قول
الأعشى: وكان دعا قومه دعوة هلم إلى أمركم قد صرم
أي: قطع وأحكم. وفي هلم لغتان أفصحهما اللغة الحجازية، وهي هلم للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث على اختلاف أهل اللغة في جمع المؤنث، فمنهم من يقول هلمن ومنهم من يقول: هلممن، وأما أهل
الحجاز فلغتهم هلم في المواضع كلها على ما قدمنا ذكره.
وبنو تميم وأهل نجد يقولون هلما وهلموا وهلمي وهلمن وهلممن. وقد روي بيت
الأعشى على اللغتين الحجازية والتميمية هلم إلى أمركم وهلموا إلى، وجاء القرآن في هذا بلغة أهل الحجاز، قال الله تعالى:
قل هلم شهداءكم وقال تبارك وتعالى:
والقائلين لإخوانهم هلم إلينا .
[ ص: 667 ]