صفحة جزء
المجلس الحادي والتسعون

وفد ثقيف إلى الرسول

حدثنا إسماعيل بن يونس بن يس أبو إسحاق قال: حدثنا إسحاق بن إسرائيل قال: حدثنا مسعدة البصري عن خصيب بن جحدر عن النضر بن شفي عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان قال: قدم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في هيئة أهل الكتاب طويلة أشعارهم وشواربهم وأظفارهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: " امكثوا وتعلموا القرآن، وخذوا من أشعاركم وشواربكم وأظافركم "، فمكثوا ما شاء الله أن يمكثوا، فاستعرضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوجد عثمان بن أبي العاص أطهرهم ثيابا وأكثرهم قرآنا قد فضلهم بسورة البقرة، فأمره عليهم، فقال: إذا صليت بقومك فصل بأضعفهم فإن خلفك الكبير والسقيم وذا [ ص: 682 ] الحاجة، ولا يتخذون مؤذنا يطلب على أذانه الأجرة.

تعليق على الحديث

قال القاضي: في هذا الخبر أوضح دليل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر التنظف وإماطة الأذى عن الجسد، ويكره القذارة التي هي من هيئات أهل الجفاء ومفارقة ما يؤثره ذوو الأدب والمروءة. وقد أتى عنه عليه السلام في هذا المعنى وما أشبهه أخبار كثيرة، وذلك أكثر وأوضح وأظهر من أن يحتاج إلى استقصاء ما ورد فيه لاشتراك الخاصة والعامة في معرفته، واستحسان تفصيله وجملته. وفيه أيضا الدلالة البينة على فضل أهل القرآن وحفظته وحملته، وأن من جمعه أوفرهم حظا وأشرفهم منزلة وأعلاهم رتبة وأولاهم بالتقدمة وأحقهم بالتأمر عليهم.

وما روي في هذا المعنى أكثر من أن يحيط الآدميون به، ولو لم يأت فيه إلا ما تواترت الأخبار به من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " أهل القرآن أهل الله وخاصته "، وقوله: " خيركم من تعلم القرآن وعلمه ". وفي بعض الروايات: أفضلكم. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الأقرأ فالأقرأ لكتاب الله من أصحابه.

وروي أنه قال في من استشهد منهم يوم أحد: " زملوهم بدمائهم ولا تغسلوهم، وادفنوا الاثنين والثلاثة في قبر واحد، وقدموا إلى القبلة أكثرهم قرآنا ".

التالي السابق


الخدمات العلمية