النساء تمقت بحشلا لدمامته وجهامة صورته
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=13769الحسن بن محمد بن إسحاق أحد إخواننا عن
بحشل القارئ، وكان مشهورا بحسن الصوت ينتابه الناس لاستماع قراءته وعذوبة تلاوته، قال: كان
بحشل مشنوء الخلقة شتيم الوجه جهم الصورة، وكان يريد النكاح، فإذا خطب النساء رد ولم يرد لبشاعة منظره، وإذا شرع في ابتياع الإماء أبينه ونبون عنه، والتوين عليه، ورغبن عن مخالطته. فشكا إلى صديق له يأنس به ما يلقى من مضض التعزب وتعذر المباعلة، ويقاسي من شدة الشبق وفقد المباضعة ونفور النساء عنه لسماجة الخلقة، فقال له: أنا أسعى لك في هذا بما يؤدي إلى محبتك. ومضى إلى سوق الرقيق فابتاع جارية حلوة مقبولة وصار بها في آخر النهار إلى منزل
بحشل، فلما استقرا في منزله أحضر الطعام واجتمعا على العشاء ثم وثب الرجل فودع
بحشلا وخلف الجارية عنده فتعلقت بثوبه وقالت: إلى أين تمضي وتخلفني؟ فقال: أمضي إلى منزلي وأنت عند مولاك. قالت: ومن مولاي؟ فقال: هذا، فصرخت وقالت: ظننت أنك مولاي، وأما هذا فلو أرغبت أو أرهبت بكل شيء ما خاليته في منزل. فلم يزل الرجل يديرها ويلويها، ويستعطفها ويداريها، ويبذل لها فاخر الكساء ونفيس الحلي والإخدام، والتكرمة والإعظام، وهي مصرة على نفورها، مقيمة على إبائها. فلما يئس من قبولها قال لها: فإني مباكر إلى هاهنا وحاملك إلى السوق للبيع. قالت: فأين أبيت؟ قال: هاهنا، قالت: لا أفعل، قال: فإنا ندخلك بيتا تبيتين فيه ونقفله عليك، قالت: على أن يكون مفتاحه معي. ففعل ذلك وانصرف الرجل، وقام
بحشل وقت ورده من الليل لصلاته، ورفع بالقراءة صوته، فطربت إليه وشغفت به، ووقع في قلبها حبه، فجعلت تناديه: يا مولاي، يا مولاي، خذ المفتاح وافتح الباب وأخرجني إليك أو ادخل إلي فأنا طوع يديك. فلم يلتفت إليها حتى قضى صلاته، ثم فتح الباب فجعلت تعتذر إليه وقبلت يديه ورجليه واستولدها.
قال القاضي: وقد روينا خبرا يضارع هذا من وجه بعض المضارعة وأخرنا إثباته لئلا يطول المجلس به ويتجاوز حده، ونحن راسموه في المجلس الذي يليه إن شاء الله.
[ ص: 688 ]