وقوله:
ليس على الأعمى حرج إلى آخر الآية، كانت
الأنصار يتنزهون عن مؤاكلة الأعمى والأعرج والمريض، ويقولون: نبصر طيب الطعام ولا يبصره فنسبقه إليه، والأعرج لا يستمكن من القعود فينال ما ينال الصحيح، والمريض يضعف عن الأكل. فكانوا يعزلونهم.
فنزل: ليس عليكم في مؤاكلتهم حرج. و (في) تصلح مكان (على) هاهنا كما تقول: ليس على صلة الرحم وإن كانت قاطعة إثم، وليس فيها إثم، لا تبالي أيهما قلت.
ثم قال
ولا على أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم إلى آخر الآية. لما أنزل الله
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة ترك الناس مؤاكلة الصغير والكبير ممن أذن الله في الأكل معه ومنه، فقال: وليس عليكم (في أنفسكم) في عيالكم أن تأكلوا منهم ومعهم إلى قوله
أو صديقكم معناه: أو بيوت صديقكم، وقبلها (أو بيوت ما ملكتم مفاتحه) يعني بيوت عبيدكم وأموالهم فذلك قوله
مفاتحه خزائنه وواحد المفاتح مفتح إذا أردت به المصدر وإذا كان من المفاتيح التي يفتح بها- وهو الإقليد- فهو مفتح ومفتاح.
وقوله
فسلموا على أنفسكم إذا دخل على أهله فليسلم. فإن لم يكن في بيته أحد فليقل السلام
[ ص: 262 ] علينا من ربنا، وإذا دخل المسجد قال: السلام على رسول الله، السلام علينا وعلى خيار عباد الله الصالحين، ثم قال:
تحية من عند الله أي من أمر الله أمركم بها تفعلون تحية منه وطاعة له. ولو كانت رفعا على قولك: هي تحية من عند الله (كان صوابا) وقوله:
وإذا كانوا معه على أمر جامع كان المنافقون يشهدون الجمعة مع النبي صلى الله عليه وسلم فيذكرهم ويعيبهم بالآيات التي تنزل فيهم، فيضجرون من ذلك. فإن خفي لأحدهم القيام قام فذلك قوله:
قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا أي يستتر (هذا بهذا) وإنما قالوا: لواذا لأنها مصدر لاوذت، ولو كانت مصدرا للذت لكانت لياذا أي لذت لياذا، كما تقول:
قمت إليه قياما، وقاومتك قواما طويلا. وقوله:
لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يقول: لا تدعوه يا
محمد كما يدعو بعضكم بعضا. ولكن وقروه فقولوا: يا نبي الله يا رسول الله يا
أبا القاسم.