صفحة جزء
وقوله: لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم يقال: لتنذر قوما لم ينذر آباؤهم أي لم تنذرهم ولا أتاهم رسول قبلك. ويقال: لتنذرهم بما أنذر آباؤهم، ثم تلقي الباء، فيكون (ما) في موضع نصب كما قال أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود

وقوله: إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فهي إلى الأذقان

فكنى عن هي، وهي للأيمان ولم تذكر. وذلك أن الغل لا يكون إلا باليمين، والعنق، جامعا لليمين، والعنق، فيكفي ذكر أحدهما من صاحبه، كما قال فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فضم الورثة إلى الوصي ولم يذكروا لأن الصلح إنما يقع بين الوصي والورثة. ومثله قول الشاعر:


وما أدري إذا يممت وجها أريد الخير أيهما يليني     أألخير الذي أنا أبتغيه
أم الشر الذي لا يأتليني

[ ص: 373 ] فكنى عن الشر وإنما ذكر الخير وحده، وذلك أن الشر يذكر مع الخير، وهي في قراءة عبد الله (إنا جعلنا في أيمانهم أغلالا فهي إلى الأذقان) فكفت الأيمان من ذكر الأعناق في حرف عبد الله ، وكفت الأعناق من الأيمان في قراءة العامة. والذقن أسفل اللحيين. والمقمح: الغاض بصره بعد رفع رأسه. ومعناه: إنا حبسناهم عن الإنفاق في سبيل الله.

التالي السابق


الخدمات العلمية