صفحة جزء
وقوله: هب لي من لدنك ذرية طيبة

الذرية جمع، وقد تكون في معنى واحد. فهذا من ذلك؛ لأنه قد قال: فهب لي من لدنك وليا ولم يقل أولياء. وإنما قيل طيبة ولم يقل طيبا؛ لأن الطيبة أخرجت على لفظ الذرية فأنث لتأنيثها، ولو قيل ذرية طيبا كان صوابا.

ومثله من كلام العرب قول الشاعر:


أبوك خليفة ولدته أخرى وأنت خليفة ذاك الكمال



فقال (أخرى) لتأنيث اسم الخليفة، والوجه أن تقول: ولده آخر. وقال آخر:


فما تزدري من حية جبلية     سكات إذا ما عض ليس بأدردا



[ ص: 209 ] فقال: جبلية، فأنث لتأنيث اسم الحية، ثم ذكر إذ قال: إذا ما عض ولم يقل: عضت. فذهب إلى تذكير المعنى. وقال الآخر:


تجوب بنا الفلاة إلى سعيد     إذا ما الشاة في الأرطاة قالا



ولا يجوز هذا النحو إلا في الاسم الذي لا يقع عليه فلان مثل الدابة والذرية والخليفة، فإذا سميت رجلا بشيء من ذلك فكان في معنى فلان لم يجز تأنيث فعله ولا نعته. فتقول في ذلك: حدثنا المغيرة الضبي ، ولا يجوز الضبية. ولا يجوز أن تقول: حدثتنا؛ لأنه في معنى فلان وليس في معنى فلانة. وأما قوله :


وعنترة الفلحاء جاء ملأما     كأنه فند من عماية أسود



فإنه قال: الفلحاء فنعته بشفته. قال: وسمعت أبا ثروان يقول لرجل من ضبة، وكان عظيم العينين: هذا عينان قد جاء، جعله كالنعت له. وقال بعض الأعراب لرجل أقصم الثنية: قد جاءتكم القصماء، ذهب إلى سنه.

[ ص: 210 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية