وقوله :
فذرني ومن يكذب بهذا الحديث
معنى فذرني ومن يكذب أي : كلهم إلي ، وأنت تقول للرجل : لو تركتك ورأيك ما أفلحت ، أي : لو وكلتك إلى رأيك لم تفلح ، وكذلك قوله :
ذرني ومن خلقت وحيدا ، و (من) في موضع نصب ، فإذا قلت : قد تركت ورأيك ، وخليت ورأيك نصبت الرأي لأن المعنى : لو تركت إلى رأيك ، فنصبت الثاني لحسن هذا المعنى فيه ، ولأن الاسم قبله متصل بفعل
[ ص: 178 ] .
فإذا قالت العرب : لو تركت أنت ورأيك ، رفعوا بقوة : أنت ، إذ ظهرت غير متصلة بالفعل .
وكذلك يقولون : لو ترك عبد الله والأسد لأكله فإن كنوا عن عبد الله ، فقالوا : لو ترك والأسد أكله ، نصبوا لأن الاسم لم يظهر ، فإن قالوا : لو ترك هو والأسد ، آثروا الرفع في الأسد ، ويجوز في هذا ما يجوز في هذا إلا أن كلام العرب على ما أنبأتك به إلا قولهم : قد ترك بعض القوم وبعض ، يؤثرون في هذا الإتباع لأن بعض وبعض لما اتفقتا في المعنى والتسمية اختير فيهما الإتباع والنصب في الثانية غير ممتنع .