وقوله:
كهيئة الطير فأنفخ فيه
يذهب إلى الطين، وفي المائدة
فتنفخ فيها ذهب إلى الهيئة، فأنث لتأنيثها، وفي إحدى القراءتين (فأنفخها) وفي قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله (فأنفخها) بغير في، وهو مما تقوله العرب: رب ليلة قد بت فيها وبتها.
[ ص: 215 ]
ويقال في الفعل أيضا:
ولقد أبيت على الطوى وأظله
تلقى الصفات وإن اختلفت في الأسماء والأفاعيل. وقال الشاعر:
إذا قالت حذام فأنصتوها فإن القول ما قالت حذام
وقال الله تبارك وتعالى وهو أصدق قيلا:
وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون يريد: كالوا لهم، وقال الشاعر:
ما شق جيب ولا قامتك نائحة ولا بكتك جياد عند أسلاب
وقوله:
وما تدخرون هي تفتعلون من ذخرت، وتقرأ (وما تدخرون) خفيفة على تفعلون، وبعض العرب يقول: تدخرون فيجعل الدال والذال يعتقبان في تفتعلون من ذخرت، وظلمت تقول: مظلم ومطلم، ومذكر ومدكر، وسمعت بعض بني أسد يقول: قد اتغر، وهذه اللغة كثيرة فيهم خاصة. وغيرهم: قد اثغر.
فأما الذين يقولون: يدخر ويدكر ومدكر فإنهم وجدوا التاء إذا سكنت واستقبلتها ذال دخلت التاء في الذال فصارت ذالا، فكرهوا أن تصير التاء ذالا فلا يعرف الافتعال من ذلك، فنظروا إلى حرف يكون عدلا بينهما في المقاربة، فجعلوه مكان التاء ومكان الذال.
[ ص: 216 ]
وأما الذين غلبوا الذال فأمضوا القياس، ولم يلتفتوا إلى أنه حرف واحد، فأدغموا تاء الافتعال عند الذال والتاء والطاء.
ولا تنكرن اختيارهم الحرف بين الحرفين فقد قالوا: ازدجر ومعناها: ازتجر، فجعلوا الدال عدلا بين التاء والزاي. ولقد قال بعضهم: مزجر، فغلب الزاي كما غلب التاء. وسمعت بعض بني عقيل يقول: عليك بأبوال الظباء فاصعطها فإنها شفاء للطحل، فغلب الصاد على التاء، وتاء الافتعال تصير مع الصاد والضاد طاء، كذلك الفصيح من الكلام كما قال الله عز وجل: (فمن اضطر في مخمصة) ومعناها افتعل من الضرر. وقال الله تبارك وتعالى:
وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها فجعلوا التاء طاء في الافتعال.