وقوله عز وجل :
هذا يوم لا ينطقون
اجتمعت القراء على رفع اليوم ، ولو نصب لكان جائزا على جهتين : إحداهما- أن
[ ص: 226 ] العرب إذا أضافت اليوم والليلة إلى فعل أو يفعل ، أو كلمة مجملة لا خفض فيها نصبوا اليوم في موضع الخفض والرفع ، فهذا وجه . والآخر : أن تجعل هذا في معنى : فعل مجمل من
لا ينطقون - وعيد الله وثوابه- فكأنك قلت : هذا الشأن في يوم لا ينطقون . والوجه الأول أجود ، والرفع أكثر في كلام العرب . ومعنى قوله :
هذا يوم لا ينطقون ولا يعتذرون في بعض الساعات في ذلك اليوم . وذلك في هذا النوع بين . تقول في الكلام : آتيك يوم يقدم أبوك ، ويوم تقدم ، والمعنى ساعة يقدم وليس باليوم كله ولو كان يوما كله في المعنى لما جاز في الكلام إضافته إلى فعل ، ولا إلى يفعل ، ولا إلى كلام مجمل ، مثل قولك : آتيتك حين الحجاج أمير .
وإنما استجازت العرب : أتيتك يوم مات فلان ، وآتيك يوم يقدم فلان لأنهم يريدون : أتيتك إذ قدم ، وإذا يقدم فإذ وإذا لا تطلبان الأسماء ، وإنما تطلبان الفعل . فلما كان اليوم والليلة وجميع المواقيت في معناهما أضيفا إلى فعل ويفعل وإلى الاسم المخبر عنه ، كقول الشاعر :
أزمان من يرد الصنيعة يصطنع مننا ومن يرد الزهادة يزهد