صفحة جزء
وقوله: فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا نصبت "الذهب"؛ لأنه مفسر لا يأتي مثله إلا نكرة، فخرج نصبه كنصب قولك: عندي عشرون درهما، ولك خيرهما كبشا. ومثله قوله أو عدل ذلك صياما .

[ ص: 226 ] وإنما ينصب على خروجه من المقدار الذي تراه قد ذكر قبله، مثل "ملء الأرض، أو عدل ذلك"، فالعدل مقدار معروف، وملء الأرض مقدار معروف، فانصب ما أتاك على هذا المثال ما أضيف إلى شيء له قدر كقولك: عندي قدر قفيز دقيقا، وقدر حملة تبنا، وقدر رطلين عسلا، فهذه مقادير معروفة يخرج الذي بعدها مفسرا؛ لأنك ترى التفسير خارجا من الوصف يدل على جنس المقدار من أي شيء هو كما أنك إذا قلت: عندي عشرون فقد أخبرت عن عدد مجهول قد تم خبره، وجهل جنسه وبقي تفسيره، فصار هذا مفسرا عنه، فلذلك نصب. ولو رفعته على الائتناف لجاز كما تقول: عندي عشرون، ثم تقول بعد: رجال، كذلك لو قلت: ملء الأرض، ثم قلت: ذهب، تخبر على غير اتصال.

وقوله: "ولو افتدى به" الواو هاهنا قد يستغنى عنها، فلو قيل: ملء الأرض ذهبا لو افتدى به كان صوابا. وهو بمنزلة قوله: وليكون من الموقنين فالواو هاهنا كأن لها فعلا مضمرا بعدها.

التالي السابق


الخدمات العلمية