صفحة جزء
وقوله عز وجل : فلا اقتحم العقبة

ولم يضم إلى قوله : فلا اقتحم كلام آخر فيه (لا) لأن العرب لا تكاد تفرد (لا) في الكلام حتى يعيدوها عليه في كلام آخر ، كما قال عز وجل : فلا صدق ولا صلى و لا خوف عليهم ولا هم يحزنون ، وهو مما كان في آخره معناه ، فاكتفى بواحدة من [ ص: 265 ] أخرى .

ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بشيئين ، فقال : فك رقبة أو إطعام في يوم ذي مسغبة ثم كان من الذين آمنوا ففسرها بثلاثة أشياء ، فكأنه كان في أول الكلام ، فلا فعل ذا ولا ذا ولا ذا .

وقد قرأ العوام : فك رقبة أو إطعام ، وقرأ الحسن البصري : " فك رقبة " وكذلك علي بن أبي طالب [حدثنا أبو العباس قال : حدثنا محمد ] قال : حدثنا الفراء قال : وحدثني محمد بن الفضل المروزي عن عطاء عن أبي عبد الرحمن عن علي أنه قرأها :

" فك رقبة أو إطعام " وهو أشبه الوجهين بصحيح العربية لأن الإطعام : اسم ، وينبغي أن يرد على الاسم اسم مثله ، فلو قيل : ثم إن كان أشكل للإطعام ، والفك ، فاخترنا : فك رقبة لقوله : ثم كان ، والوجه الآخر جائز تضمر فيه (أن) ، وتلقى فيكون مثل قول الشاعر :


ألا أيها ذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي



ألا ترى أن ظهور (أن) في آخر الكلام يدل : على أنها معطوفة على أخرى مثلها في أول الكلام وقد حذفها .

التالي السابق


الخدمات العلمية