وقوله عز وجل :
وما لأحد عنده من نعمة تجزى
يقول : لم ينفق نفقته مكافأة ليد أحد عنده ، ولكن أنفقها ابتغاء وجه ربه ، فإلا في هذا الموضع بمعنى (لكن) وقد يجوز أن تجعل الفعل في المكافأة مستقبلا ، فتقول : ولم يرد مما أنفق مكافأة من أحد . ويكون موقع اللام التي في أحد- في الهاء التي خفضتها عنده ، فكأنك قلت : وما له عند أحد فيما أنفق من نعمة يلتمس ثوابها ، وكلا الوجهين حسن ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء :
ما أدري أي الوجهين أحسن ، وقد تضع العرب الحرف في غير موضعه إذا كان المعنى معروفا وقد قال الشاعر .
لقد خفت حتى ما تزيد مخافتي على وعل في ذي المكاره عاقل
[ ص: 273 ] والمعنى : حتى ما تزيد مخافة (وعل) على مخافتي ، ومثله من غير المخفوض قول الراجز :
إن سراجا لكريم مفخره تحلى به العين إذا ما تجهره
[قال ]
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : حليت بعيني ، وحلوت [في صدري ] والمعنى : تحلى بالعين إذا ما تجهره ، ونصب الابتغاء من جهتين : من أن تجعل فيها نية إنفاقه ما ينفق إلا ابتغاء وجه ربه . والآخر على اختلاف ما قبل إلا وما بعدها والعرب تقول : ما في الدار أحد إلا أكلبا وأحمرة ، وهي لغة لأهل الحجاز ، ويتبعون آخر الكلام أوله فيرفعون في الرفع ، وقال الشاعر في ذلك .
وبلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
فرفع ، ولو رفع
إلا ابتغاء وجه ربه رافع لم يكن خطأ لأنك لو ألقيت من : من النعمة لقلت : ما لأحد عنده نعمة تجزى إلا ابتغاء ، فيكون الرفع على اتباع المعنى ، كما تقول : ما أتاني من أحد إلا أبوك .