صفحة جزء
وقوله: واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا

فإنه قد يعود على اليوم والليلة ذكرهما مرة بالهاء وحدها ومرة بالصفة فيجوز ذلك كقولك: لا تجزي نفس عن نفس شيئا وتضمر الصفة، ثم [ ص: 32 ] تظهرها فتقول: لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا. وكان الكسائي لا يجيز إضمار الصفة في الصلات ويقول: لو أجزت إضمار الصفة هاهنا لأجزت: أنت الذي تكلمت وأنا أريد الذي تكلمت فيه. وقال غيره من أهل البصرة: لا نجيز الهاء ولا تكون، وإنما يضمر في مثل هذا الموضع الصفة. وقد أنشدني بعض العرب:


يا رب يوم لو تنزاه حول ألفيتني ذا عنز وذا طول



وأنشدني آخر:


قد صبحت صبحها السلام     بكبد خالطها سنام
في ساعة يحبها الطعام



ولم يقل يحب فيها. وليس يدخل على الكسائي ما أدخل على نفسه؛ لأن الصفة في هذا الموضع والهاء متفق معناهما، ألا ترى أنك تقول: آتيك يوم الخميس، وفي يوم الخميس، فترى المعنى واحدا، وإذا قلت: كلمتك كان غير كلمت فيك، فلما اختلف المعنى لم يجز إضمار الهاء مكان "في"، ولا إضمار "في" مكان الهاء.

التالي السابق


الخدمات العلمية