وقوله: 
والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما 
مرفوعان بما عاد من ذكرهما. والنصب فيهما جائز كما يجوز أزيد ضربته، وأزيدا ضربته. وإنما تختار العرب الرفع في " السارق والسارقة" لأنهما [غير] موقتين، فوجها توجيه الجزاء كقولك: من سرق فاقطعوا يده، ف (من) لا يكون إلا رفعا، ولو أردت سارقا بعينه أو سارقة بعينها كان النصب وجه الكلام. ومثله 
واللذان يأتيانها منكم فآذوهما وفي قراءة 
 nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله   " والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهما" . 
وإنما قال (أيديهما) لأن كل شيء موحد من خلق الإنسان إذا ذكر مضافا إلى اثنين فصاعدا جمع. فقيل: قد هشمت رءوسهما، وملأت ظهورهما وبطونهما ضربا. ومثله 
إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما  [ ص: 307 ]  . 
وإنما اختير الجمع على التثنية لأن أكثر ما تكون عليه الجوارح اثنين في الإنسان: 
اليدين والرجلين والعينين. فلما جرى أكثره على هذا ذهب بالواحد منه إذا أضيف إلى اثنين مذهب التثنية. وقد يجوز تثنيتهما قال 
أبو ذؤيب:  فتخالسا نفسيهما بنوافذ كنوافذ العبط التي لا ترقع 
وقد يجوز هذا فيما ليس من خلق الإنسان. وذلك أن تقول للرجلين: خليتما نساءكما، وأنت تريد امرأتين، وخرقتما قمصكما. 
وإنما ذكرت ذلك لأن من النحويين من كان لا يجيزه إلا في خلق الإنسان، وكل سواء. وقد يجوز أن تقول في الكلام: السارق والسارقة فاقطعوا يمينهما لأن المعنى: اليمين من كل واحد منهما كما قال الشاعر: 
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا     فإن زمانكم زمن خميص 
 [ ص: 308 ] وقال الآخر : 
الواردون وتيم في ذرى سبإ     قد عض أعناقهم جلد الجواميس 
من قال: (ذرى) جعل سبأ جيلا، ومن قال: (ذرى) أراد موضعا. 
ويجوز في الكلام أن تقول: ائتني برأس شاتين، ورأس شاة. فإذا قلت: 
برأس شاة فإنما أردت رأسي هذا الجنس، وإذا قلت برأس شاتين فإنك تريد به الرأس من كل شاة قال الشاعر في غير ذلك: 
كأنه وجه تركيين قد غضبا     مستهدف لطعان غير تذبيب