صفحة جزء
وقوله: ومن الذين هادوا سماعون للكذب

إن شئت رفعت قوله سماعون للكذب بمن ولم تجعل (من) في المعنى متصلة بما قبلها، كما قال الله: فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد وإن شئت كان [ ص: 309 ] المعنى: لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من هؤلاء ولا (من الذين هادوا) فترفع حينئذ (سماعون) على الاستئناف، فيكون مثل قوله ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثم قال تبارك وتعالى: طوافون عليكم ولو قيل: سماعين، وطوافين لكان صوابا كما قال: ملعونين أينما ثقفوا وكما قال: إن المتقين في جنات وعيون ثم قال: " آخذين ، وفاكهين ، ومتكئين" والنصب أكثر. وقد قال أيضا في الرفع: كلا إنها لظى نزاعة للشوى فرفع (نزاعة) على الاستئناف، وهي نكرة من صفة معرفة. وكذلك قوله:

لا تبقي ولا تذر لواحة وفي قراءة أبي " إنها لإحدى الكبر نذير للبشر" بغير ألف. فما أتاك من مثل هذا في الكلام نصبته ورفعته. ونصبه على القطع وعلى الحال. وإذا حسن فيه المدح أو الذم فهو وجه ثالث. ويصلح إذا نصبته على الشتم أو المدح أن تنصب معرفته كما نصبت نكرته. وكذلك قوله سماعون للكذب أكالون للسحت على ما ذكرت لك.

التالي السابق


الخدمات العلمية