صفحة جزء
وقوله: قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة [ ص: 377 ] نصبت خالصة على القطع وجعلت الخبر في اللام التي في الذين، والخالصة ليست بقطع من اللام ، ولكنها قطع من لام أخرى مضمرة. والمعنى- والله أعلم-: قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا يقول: مشتركة، وهي لهم في الآخرة خالصة.

ولو رفعتها كان صوابا، تردها على موضع الصفة التي رفعت لأن تلك في موضع رفع.

ومثله في الكلام قوله: إنا بخير كثير صيدنا. ومثله قول الله عز وجل: إن الإنسان خلق هلوعا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا .. المعنى: خلق هلوعا، ثم فسر حال الهلوع بلا نصب لأنه نصب في أول الكلام. ولو رفع لجاز إلا أن رفعه على الاستئناف لأنه ليس معه صفة ترفعه. وإنما نزلت هذه الآية أن قبائل من العرب في الجاهلية كانوا لا يأكلون أيام حجهم إلا القوت، ولا يأكلون اللحم والدسم، فكانوا يطوفون بالبيت عراة، الرجال نهارا والنساء ليلا، وكانت المرأة تلبس شيئا شبيها بالحوف ليواريها بعض المواراة ولذلك قالت العامرية:


اليوم يبدو بعضه أو كله وما بدا منه فلا أحله



قال المسلمون: يا رسول الله، نحن أحق بالاجتهاد لربنا، فأرادوا أن يفعلوا كفعل أهل الجاهلية، فأنزل الله تبارك وتعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد يعني اللباس وكلوا واشربوا ولا تسرفوا حتى يبلغ بكم ذلكم تحريم ما أحللت لكم، والإسراف هاهنا الغلو في الدين [ ص: 378 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية