وقوله:
لقد نصركم الله في مواطن كثيرة نصبت المواطن لأن كل جمع كانت فيه ألف قبلها حرفان وبعدها حرفان فهو لا يجرى مثل صوامع، ومساجد، وقناديل، وتماثيل، ومحاريب. وهذه الياء بعد الألف لا يعتد بها لأنها قد تدخل فيما ليست هي منه، وتخرج مما هي منه، فلم يعتدوا بها إذ لم تثبت كما ثبت غيرها. وإنما منعهم من إجرائه أنه مثال لم يأت عليه شيء من الأسماء المفردة، وأنه غاية للجماع إذا انتهى الجماع إليه فينبغي له ألا يجمع. فذلك أيضا منعه من الانصراف ألا ترى أنك لا تقول: دراهمات، ولا دنانيرات، ولا مساجدات. وربما اضطر إليه الشاعر فجمعه. وليس يوجد في الكلام ما يجوز في الشعر. قال الشاعر:
فهن يجمعن حدائداتها
فهذا من المرفوض إلا في الشعر.
ونعت (المواطن) إذا لم يكن معتلا جرى. فلذلك قال: (كثيرة)
[ ص: 429 ] .
وقوله:
ويوم حنين وحنين واد بين
مكة والطائف. وجرى
(حنين) لأنه اسم لمذكر. وإذا سميت ماء أو واديا أو جبلا باسم مذكر لا علة فيه أجريته.
من ذلك
حنين، وبدر، ،
وأحد، وحراء، وثبير، ودابق ، وواسط . وإنما سمي
واسطا بالقصر الذي بناه
الحجاج بين
الكوفة والبصرة. ولو أراد البلدة أو اسما مؤنثا لقال:
واسطة. وربما جعلت العرب
واسط وحنين وبدر اسما لبلدته التي هو بها فلا يجرونه وأنشدني بعضهم:
نصروا نبيهم وشدوا أزره بحنين يوم تواكل الأبطال
وقال الآخر :
ألسنا أكرم الثقلين رجلا وأعظمه ببطن حراء نارا
فجعل حراء اسما للبلدة التي هو بها، فكان مذكرا يسمى به مؤنث فلم يجر.
وقال آخر:
لقد ضاع قوم قلدوك أمورهم بدابق إذ قيل العدو قريب
رأوا جسدا ضخما فقالوا مقاتل ولم يعلموا أن الفؤاد نخيب
ولو أردت
ببدر البلدة لجاز أن تقول مررت
ببدر يا هذا
[ ص: 430 ] .