وقوله:
لا جرم أنهم كلمة كانت في الأصل بمنزلة لا بد أنك قائم ولا محالة أنك ذاهب، فجرت على ذلك، وكثر استعمالهم إياها، حتى صارت بمنزلة حقا ألا ترى أن العرب تقول:
لا جرم لآتينك، لا جرم قد أحسنت. وكذلك فسرها المفسرون بمعنى الحق. وأصلها من جرمت
[ ص: 9 ] أي كسبت الذنب وجرمته. وليس قول من قال إن جرمت كقولك: حققت أو حققت بشيء وإنما لبس على قائله قول الشاعر:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة جرمت فزارة بعدها أن تغضبا
فرفعوا (فزارة) قالوا: نجعل الفعل لفزارة كأنه بمنزلة حق لها أو حق لها أن تغضب وفزارة منصوبة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أي جرمتهم الطعنة أن يغضبوا.
ولكثرتها في الكلام حذفت منها الميم فبنو فزارة يقولون: لا جر أنك قائم. وتوصل من أولها بذا، أنشدني بعض
بني كلاب: إن كلابا والدي لاذا جرم لأهدرن اليوم هدرا صادقا
هدر المعنى ذي الشقاشيق اللهم
وموضع أن مرفوع كقوله:
أحقا عباد الله جرأة محلق علي وقد أعييت عاد وتبعا