وقوله:
وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في ملتنا قال
أو لتعودن فجعل فيها لاما كجواب اليمين وهي في معنى شرط، مثله من الكلام أن تقول: والله لأضربنك أو تقر لي: فيكون معناه معنى حتى أو إلا، إلا أنها جاءت بحرف نسق. فمن العرب من يجعل الشرط متبعا للذي قبله، إن كانت في الأول لام كان في الثاني لام، وإن كان الأول منصوبا أو مجزوما نسقوا عليه كقوله:
أو لتعودن ومن العرب من ينصب ما بعد أو ليؤذن نصبه بالانقطاع عما قبله. وقال الشاعر :
لتقعدن مقعد القصي مني ذي القاذورة المقلي أو تحلفي بربك العلي
أني أبو ذيالك الصبي
فنصب (تحلفي) لأنه أراد: أن تحلفي. ولو قال أو لتحلفن كان صوابا ، ومثله قول
امرئ القيس: بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه وأيقن أنا لاحقان بقيصرا
[ ص: 71 ] فقلت له لا تبك عينك إنما نحاول ملكا أو نموت فنعذرا
فنصب آخره ورفع (نحاول) على معنى إلا أو حتى. وفي إحدى القراءتين: (تقاتلونهم أو يسلموا) والمعنى -والله أعلم- تقاتلونهم حتى يسلموا. وقال الشاعر :
لا أستطيع نزوعا عن مودتها أو يصنع الحب بي غير الذي صنعا
وأنت قائل في الكلام: لست لأبي إن لم أقتلك أو تسبقني في الأرض فتنصب (تسبقني) وتجزمها. كأن الجزم في جوازه: لست لأبي إن لم يكن أحد هذين، والنصب على أن آخره منقطع عن أوله كما قالوا: لا يسعني شيء ويضيق عنك، فلم يصلح أن ترد (لا) على (ويضيق) فعلم أنها منقطعة من معناها. كذلك قول العرب: لو تركت والأسد لأكلك لما جاءت الواو ترد اسما على اسم قبله، وقبح أن ترد الفعل الذي رفع الأول على الثاني نصب ، ألا ترى أنك لا تقول لو تركت وترك الأسد لأكلك. فمن هاهنا أتاه النصب. وجاز الرفع لأن الواو حرف نسق معروف فجاز فيه الوجهان للعلتين.