صفحة جزء
وقوله: وأرسلنا الرياح لواقح وتقرأ (الريح) قرأها حمزة فمن قال (الريح لواقح) فجمع اللواقح والريح واحدة لأن الريح في معنى جمع ؛ ألا ترى أنك تقول: جاءت الريح من كل مكان، فقيل: (لواقح) لذلك. كما قيل: تركته في أرض أغفال وسباسب (قال الفراء: أغفال: لا علم فيها) ومهارق وثوب أخلاق. ومنه قول الشاعر:


جاء الشتاء وقميصي أخلاق شراذم يضحك منه التواق



وأما من قال (الرياح لواقح) فهو بين. ولكن يقال: إنما الريح ملقحة تلقح الشجر.

فكيف قيل: (لواقح) ؟ ففي ذلك معنيان أحدهما أن تجعل الريح هي التي تلقح بمرورها على التراب والماء فيكون فيها اللقاح، فيقال: ريح لاقح. كما يقال: ناقة لاقح. ويشهد على ذلك أنه وصف ريح العذاب فقال:

عليهم الريح العقيم فجعلها عقيما إذ لم تلقح. والوجه الآخر أن يكون وصفها باللقح وإن كانت تلقح كما قيل: ليل نائم والنوم فيه، وسر كاتم وكما قيل:

الناطق المبروز والمختوم [ ص: 88 ] فجعله مبروزا على غير فعل، أي إن ذلك من صفاته فجاز مفعول لمفعل، كما جاز فاعل لمفعول إذ لم يرد البناء على الفعل.

وقوله: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول في الصلاة، فابتدرها الناس وأراد بعض المسلمين أن يبيع داره النائية ليدنو من المسجد فيدرك الصف الأول فأنزل الله -عز وجل- ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين فإنا نجزيهم على نياتهم فقر الناس.

التالي السابق


الخدمات العلمية