صفحة جزء
مسألة : يجوز للزوج أن يغسل زوجته

وقال أبو حنيفة : لا يجوز .

859 - أخبرنا ابن عبد الواحد ، قال : أنبأنا الحسن بن علي ، قال : أنبأنا أحمد بن جعفر ، قال : حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثني أبي ، حدثنا محمد بن سلمة ، عن محمد بن إسحاق ، عن يعقوب بن عتبة ، عن الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت : رجع إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعا في رأسي ، وأنا أقول : وارأساه ، فقال : بل أنا وارأساه . ثم قال : ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك وصليت عليك ودفنتك . قلت : لكأني بك والله لو فعلت ذلك ، لقد رجعت إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك . فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم بدأ في وجعه الذي مات فيه ، فإن قيل : قد روى هذا الحديث البخاري في صحيحه ، فقال فيه : قلت : وارأساه . فقال : ذلك لو كان وأنا حي فأستغفر لك ، وأدعو لك . ورواه صالح بن كيسان ، عن الزهري فقال فيه : وددت أن ذلك كان وأنا حي فهيأتك ودفنتك . ولم يقل : غسلتك إلا محمد بن إسحاق ، وقد كذبه مالك قلنا : إنما كذبه مالك رواية أبي القاسم عبد الواحد لقول هشام بن عروة إنه حدث عن أم أبي وما رآها رجل قط ، وقد تأول هذا أحمد بن حنبل فقال : يمكن أن يكون خرجت إلى المسجد فسمع منها ، وقال يحيى بن معين : محمد بن إسحاق ثقة ، وقال شعبة : صدوق .

860 - وأخبرنا ابن عبد الخالق ، قال : أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ، قال : حدثنا [ ص: 6 ] محمد بن عبد الملك ، حدثنا علي بن عمر ، حدثنا عبد الباقي بن قانع ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا عبد الله بن صندل ، حدثنا عبد الله بن نافع المديني ، عن محمد بن موسى ، عن عون بن محمد عن أمه عن أسماء بنت عميس أن فاطمة عليها السلام أوصت أن يغسلها زوجها علي وأسماء فغسلاها . وقد رواه هبة الله الطبري عن أسماء أن عليا غسل فاطمة . قالت أسماء : وعيبه عليها ، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة ، فصار كالإجماع ، فإن قيل : قد أنكر أحمد هذا الحديث ثم في الإسناد عبد الله بن نافع ، قال يحيى : ليس بشيء ، وقال النسائي : متروك . قلنا : قد قال يحيى في رواية : يكتب حديثه . قال بعض المتفقهة : لو صح هذا الحديث قلنا : إنما غسلها لأنها زوجته في الآخرة ، فما انقطعت الزوجية . قلنا : لو بقيت الزوجية لما تزوج بنت أختها أمامة بنت زينب بعد موتها ، وقد مات عن أربع حرائر . قالوا : فقد روي أنها اغتسلت وماتت ، فاكتفوا بغسلها ذلك .

861 - أخبرنا عبد الله بن علي المقري ، أنبأنا أبو منصور محمد بن أحمد بن عبد الرزاق ، أنبأنا عبد الملك بن محمد ، قال : حدثنا أبو علي أحمد بن الفضل بن خزيمة ، قال : حدثنا محمد محمد بن سويد الطحان ، حدثنا علي بن عاصم ، حدثنا إبراهيم بن سعد ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبيد الله بن علي ، عن ابن أبي رافع ، عن أبيه عن أمه سلمى قالت : اشتكت فاطمة بمرضها ، فقالت لي يوما وخرج علي عليه السلام : يا أماه اسكبي لي غسلا . فسكبت ثم قامت فاغتسلت كأحسن ما كنت أراها تغتسل ، ثم قالت : هاتي لي ثيابي الجدد . فأتيتها بها فلبستها ، ثم جاءت إلى البيت الذي كانت فيه ، فقالت لي : قدمي لي الفراش إلى وسط البيت . ثم اضطجعت ووضعت يدها تحت خدها واستقبلت القبلة ثم قالت : يا أمتاه إني مقبوضة اليوم ، وإني قد اغتسلت فلا يكشفني أحد . قال : فقبضت مكانها ، فجاء علي عليه السلام فأخبرته ، فقال : لا والله لا يكشفها أحد . فدفنها بغسلها ذلك . قلنا : هذا حديث لا يصح في إسناده ابن إسحاق ، وعلي بن عاصم ، وقد سبق جرحهما ، وقد رواه نوح بن يزيد ، عن إبراهيم بن سعد بهذا الإسناد ، ورواه الحكم بن أسلم ، عن إبراهيم أيضا ، ورواه عبد الرزاق ، عن معمر ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل أن فاطمة اغتسلت هكذا ، ذكره مرسلا ونوح ، والحكم كلاهما مجروح ، وابن عقيل ضعيف وحديثه مرسل ، والتخليط فيه من بعض الرواة ، وكيف يكون صحيحا والغسل إنما شرع لحدث الموت ، وكيف يقع قبله وحوشي علي وفاطمة أن يخفى عليهما مثل هذا ، قالوا : نعارض حجتكم بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة وابنتها . قالوا : وعندكم أنه إذا ماتت الزوجة قبل الدخول فلزوجها أن يتزوج ابنتها ، وبغسل [ ص: 7 ] الزوج فينظر إلى فرجها . قلنا : لا نعرف هذا الحديث ، ولو صح فنقول : متى ماتت الزوجة قبل الدخول جرى الموت مجرى الدخول ، ولا يجوز للرجل أن يتزوج ابنتها في رواية ، ولو سلمنا قلنا : المراد بالحديث النظر على وجه الاستمتاع ، وذلك لا يحل بعد الموت ، ثم ليس من ضرورة الغسل النظر إلى الفرج .

التالي السابق


الخدمات العلمية