صفحة جزء
مسألة: المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين ، وقال أبو حنيفة : واجبان [ ص: 144 ] في الغسل مسنونان في الوضوء ، وقال مالك والشافعي : مسنونان فيهما ، لنا أربعة أحاديث:

الحديث الأول:

125 - أخبرنا المحمدان -ابن عبد الملك بن خيرون ، وابن عمر الأرموي- وعبد الرحمن بن محمد القزاز ، والحسين بن علي الخياط قالوا حدثنا عبد الصمد بن المأمون ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث ، حدثنا الحسين بن علي بن مهران ، حدثنا عصام بن يوسف ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن ابن جريح ، عن سليمان بن موسى ، عن الزهري ، عن عروة عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بد منه. في هذا الحديث مقال؛ لأنه تفرد به سليمان عن الزهري ، وتفرد به عصام ، عن ابن المبارك ، قال البخاري عند سليمان مناكير ، وقال علي بن المديني : سليمان مطعون عليه ، وقال الدارقطني : وهم فيه عصام ، والصواب عن ابن جريج ، عن سليمان بن موسى مرسلا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وأحسبه اختلط عليه واشتبه بإسناد ابن جريج : أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها ، ويمكن أن يقال : سليمان ثقة ، وما علمنا في عصام طعنا ، والراوي قد يرفع ، وقد يرسل.

الحديث الثاني:

126 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر بن يوسف ، أنبأنا أبو بكر بن بشران ، أنبأنا الدارقطني ، قال حدثنا علي بن الفضل بن طاهر البلخي ، قال حدثنا أحمد بن حمدان العائذي ، حدثنا الحسين بن الجنيد الدامغاني وكان رجلا صالحا ، حدثنا علي بن يونس عن إبراهيم [ ص: 145 ] بن طهمان ، عن جابر ، عن عطاء ، عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا يتم الوضوء إلا بهما . قال الخصم : جابر هو الجعفي وقد كذبه أيوب السختياني وزائدة ، قلنا: قد وثقه سفيان الثوري ، وشعبة وكفى بهما.

الحديث الثالث:

127 - أخبرنا ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر بن يوسف ، أنبأنا ابن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، قال حدثنا الحسين بن إسماعيل ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن موسى ، حدثنا هدبة ، حدثنا حماد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمار ، عن أبي هريرة ، قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمضمضة والاستنشاق . قال الخصم: قد قال الدارقطني : لم يسنده عن حماد غير هدبة ، وداود بن المحبر ، وغيرهما يرويه عن عمار ، عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يذكر أبا هريرة ، والجواب أن هدبة ثقة أخرج عنه في الصحيحين ، فإذا رفعه كان رفعه زيادة على قول من وقفه ، والزيادة من الثقة مقبولة ، ومن وقفه لم يحفظ ما حفظ الرافع.

الحديث الرابع:

128 - أخبرنا ابن الحصين ، قال أنبأنا ابن المذهب ، قال أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، قال حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، أنبأنا معمر ، عن همام ، عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم لينتثر. وقد روى نحوه عثمان بن عفان ، وابن عباس ، وسلمة بن قيس ، والمقدام بن معديكرب ، ووائل بن حجر فإن قالوا : نحمله على الاستحباب بدليل ما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : من توضأ فليستنثر من فعل فقد أحسن ، ومن لا فلا حرج قلنا : ظاهر الأمر الوجوب [ ص: 146 ] وليس احتجاجنا بقوله: فلينتثر ، إنما احتجاجنا بقوله : فليستنشق من الماء ثم لينتثر ، يقال : استنثر إذا حرك النثرة وهو طرف الأنف لإخراج الفضلة ، وذلك لا يجب ، وقد احتج أصحابنا بحديث يروى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جعل المضمضة والاستنشاق للجنب ثلاثا فريضة ، وهو حديث موضوع لم يروه غير بكرة بن محمد وكان كذابا ، وقد ذكرته في الموضوعات ، فلم أر في ذكره ههنا فائدة احتجوا بحديثين أحدهما حديث أم سلمة : إنما يكفيك ثلاث حثيات ، ولم يذكر المضمضة والاستنشاق ، وقد سبق هذا الحديث.

والثاني:

129 - أخبرنا به ابن عبد الخالق ، أنبأنا أبو طاهر ، أنبأنا أبو بكر بن بشران ، قال حدثنا الدارقطني ، حدثنا أبو سهل بن زياد ، حدثنا الحسن بن العباس ، حدثنا سويد بن سعيد ، حدثنا القاسم بن غصن ، عن إسماعيل بن مسلم ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المضمضة والاستنشاق سنة . وهذا لا يصح ، أما إسماعيل بن مسلم فقال يحيى : ليس [ ص: 147 ] بشيء ، وقال علي بن المديني : لا يكتب حديثه ، وقال ابن حبان : يروي المناكير عن المشاهير ، ويقلب الأسانيد ، وأما سويد فقال النسائي : ليس بثقة .

التالي السابق


الخدمات العلمية