صفحة جزء
مسألة: لا ينعقد النكاح إلا بلفظي الإنكاح والتزويج ، أو معناهما الخاص في حق من لم يحسن اللفظية ، وقال أبو حنيفة : ينعقد بهما ، وبكل لفظ يدل على التمليك كلفظ البيع والهبة والملك ، وأصحابنا يستدلون بقوله تعالى: وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إلى قوله: خالصة لك وبما:

1732 - أخبرنا به عبد الوهاب بن المبارك ، قال: أنبأ عاصم بن الحسن ، أنبأ ابن بشران ، ثنا أبو علي بن صفوان ، ثنا أبو بكر القرشي ، ثنا الحسن بن الصباح ، ثنا مكي بن إبراهيم ، ثنا موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أيها الناس ، إن النساء عوان عندكم ، لا يملكن لأنفسهن ضرا ولا نفعا ، أخذتموهن بأمانة الله -عز وجل- ، واستحللتم فروجهن بكلمة الله . قالوا: وكلمة الله هي المذكورة في القرآن ، ولم يذكر إلا الإنكاح والتزويج؛ فدل على أن غير الكلمة لا يستحل بها. احتجوا بما:

1734 - أخبرنا به عبد الأول ، أنبأ ابن المظفر ، قال: أنبأ ابن أعين عن أبيه ، عن سهل بن سعد ، قال: جاءت امرأة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالت: يا رسول الله ، جئت أهب لك نفسي ، فنظر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصعد النظر فيها وصوبه ، ثم طأطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه ، فلما رأت المرأة أنه لم يقض فيها شيئا جلست ، فقام رجل من أصحابه ، فقال: يا رسول الله ، إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها. قال: هل عندك من شيء؟ قال: لا والله ، فقال: اذهب إلى أهلك فانظر هل تجد شيئا ، فذهب ثم رجع ، فقال: لا والله ، ما وجدت شيئا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: انظر ولو خاتما من حديد ، فذهب ، ثم رجع ، فقال: لا والله يا رسول الله ولا خاتما من حديد ، ولكن هذا إزاري فلها نصفه ، فقال: ما تصنع بإزارك إن لبسته لم يكن عليها منه شيء ، وإن لبسته لم يكن عليك منه شيء ، فجلس الرجل حتى إذا طال مجلسه قام ، فرآه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- موليا ، فأمر به فدعي ، فلما جاء قال: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا وسورة كذا عددها ، فقال: تقرأهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم ، قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن . أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين. والجواب: أن هذا الحديث قد رواه مالك والثوري وابن عيينة وحماد بن [ ص: 272 ] زيد وزائدة ووهيب والدراوردي وفضيل بن سليمان فكلهم قالوا: زوجتكها ، ورواه غسان فقال: أنكحناكها ، وإنما روى ملكتكها ثلاثة أنفس: معمر وكان كثير الغلط ، وعبد العزيز بن أبي حازم ويعقوب الإسكندراني وليسا بحافظين ، والأخذ برواية الحفاظ الفقهاء مع كثرتهم أولى.

التالي السابق


الخدمات العلمية