صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث الشعبي في رجل قال لآخر: "يا نبطي، قال: لا حد عليه; كلنا نبط" [ ص: 119 ] .

من حديث ابن المبارك، عن إسماعيل، عن الشعبي. قوله: "كلنا نبط"، يريد: الجوار والدار دون الولادة، وذلك أن البلاد التي سكنوها بلاد النبط; وإنما سموا نبطا لأنهم أنبطوا المياه: أي استخرجوها، والنبط: الماء الذي يخرج من البئر أول ما يحفر، يقال للحافر إذا بلغ الماء: قد أنبط وأماه، وأمهى، وأنهر، وأعين.

وقال الأحنف لعمر حين وفد إليه: إن إخواننا من أهل الكوفة نزلوا في مثل حولاء الناقة من ثمار متهدلة وأنهار متفجرة.

قال أبو سليمان: وممن نسب إلى داره ومحلته دون قومه وعشيرته: سليمان التيمي، وجعفر بن سليمان الضبعي.

سمعت ابن الأعرابي يقول: [كان] جعفر بن سليمان الضبعي نزيلا في بني ضبيعة، لم يكن من أنفسهم.

.

وأخبرني العنبري، نا ابن أبي قماش، عن ابن عائشة، عن المعتمر بن سليمان قال: قلت لأبي: يا أبه، تكتب التيمي، ولست بتيمي؟ ، قال: يا بني، تيمي الدار.

قال أبو سليمان: وفيه وجه آخر، وهو ما يروى عن ابن عباس أنه قال: "نحن معاشر قريش حي من النبط، من أهل كوثا ربى"، يعني قرية إبراهيم الذي بها مولده، والعرب من ولد إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما، فقد يحتمل أن يكون الشعبي إنما ذهب إلى هذا.

[ ص: 120 ] وفيه من الفقه أنه لم ير حدا إلا في الصريح من القذف دون ما يحتمل من الكلام وجهين، وقال الشافعي: "إذا احتمل الكلام وجهين، وادعى أنه لم يرد به قذفا وحلف، لم يلزمه الحد".

وكان مالك يرى الحد في التعريض كما يراه في التصريح.

التالي السابق


الخدمات العلمية