صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قنت في صلاة [ ص: 304 ] الفجر، فقال: "اللهم قاتل كفرة أهل الكتاب، واجعل قلوبهم كقلوب نساء كوافر" .

حدثنيه عبد العزيز بن محمد، نا ابن الجنيد، عن سويد، عن ابن المبارك، عن حنظلة، قال: سمعت أنس بن مالك يذكره.

قوله: كقلوب نساء كوافر معناه -والله أعلم- كقلوبهن في الاختلاف وقلة الائتلاف، وأراه عنى الضرائر منهن؛ لأن ذلك أشد لاختلافهن ومنافسة بعضهن بعضا.

وأخبرني بعض أصحابنا، أخبرني ابن الأنباري، عن أبي العباس ثعلب قال: من دعاء الأعراب: اللهم حبب بين نسائنا، وبغض بين رعائنا، قال: وذلك أن الحب يدعوهن إلى التعاون في العمل، والاجتماع على السمر والغزل. والرعاء إذا تباغضت تفرقت في المراعي، فكان أسمن للغنم.

ومن دعائهم: اللهم أقلل صبياننا، وأكثر جرذاننا.

ومن دعائهم: اللهم ضبعا وذئبا؛ وذلك أنهما إذا اجتمعا في غنم منع كل واحد منهما صاحبه، ومنه قول الشاعر:


وكان لها جاران لا يخفرانها أبو جعدة العادي وعرفاء جيأل



أبو جعدة: الذئب وعرفاء: الضبع، وجيأل: اسم للضبع. قال الشاعر: [ ص: 305 ]


وجاءت جيأل وأبو بنيها     أجم الماقيين به خماع



وفي الكوافر قولان: أحدهما الكفر بالله، وذلك أشد لاختلافهن، قال الله تعالى: وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة .

والقول الآخر: أن يكون من كفران النعم، وهن من أقل الناس شكرا للعوارف؛ ولذلك قال لهن: "إنكن تكثرن اللعن، وتكفرن العشير" .

وفيه وجه آخر، وهو أن الكوافر يرعن أبدا بالصباح والبيات في عقر دارهن، فقلوبهن تجب أبدا.

التالي السابق


الخدمات العلمية