صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقول: في دعائه: "متعنا بأسماعنا وأبصارنا، واجعله الوارث منا" .

فيه قولان: أحدهما: أن يكون معنى الوراثة فيهما أن تبقى صحتهما عند ضعف الكبر، فيكونا وارثي سائر الأعضاء والباقيين بعدها.

وقال نضر بن شميل: معناه أبقهما معي حتى أموت. وقال غيره: أراد بالسمع وعي ما يسمع والعمل به، وبالبصر الاعتبار بما يرى ويبصر . والآخر: أن يكون دعا بذلك للأعقاب والأولاد، والأول أصح.

وقوله: "واجعله الوارث" بلفظ الواحد، وقد تقدم ذكر الأسماع والأبصار بلفظ الجماعة فيه وجهان: أحدهما: أن تكون الهاء راجعة إلى ضمير الفعل، وهو الاستمتاع بهما. والوجه الآخر: أن تكون الإشارة بها إلى واحد واحد من كل سمع ومن كل بصر. قال الشاعر:


إن شرخ الشباب والشعر الأس ود ما لم يعاص كان جنونا



ولم يقل: يعاصيا؛ لأنه أراد ما لم يعاص كل واحد منهما.

التالي السابق


الخدمات العلمية