صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن عائشة قالت: كان رسول الله يبدو إلى هذه التلاع، وإنه أراد البداوة مرة فأرسل إلي ناقة محرمة من إبل الصدقة.

[ ص: 344 ]

أخبرناه ابن داسة، نا أبو داود، نا أبو بكر وعثمان ابنا أبي شيبة قالا: نا شريك، عن أبي المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة.

التلاع: جمع تلعة، وهي مسيل الماء من فوق إلى أسفل.، ويقال: لما ارتفع من الأرض تلعة، وكذلك لما انخفض منها. والبداوة: الخروج إلى البادية، وفيها لغتان: قال أبو زيد: البداوة والحضارة بالكسر. وقال الأصمعي: البداوة والحضارة بالفتح وأنشد:


فمن تكن الحضارة أعجبته فأي رجال بادية ترانا



والناقة المحرمة: هي التي لم تركب ولم تذلل، ويقال: سوط محرم، وهو الذي لم يكمل دباغه، قال مالك بن خريم:


فإن قليل المال للمرء مفسد     تحز كما حز القطيع المحرم



وذلك أنه إذا لم يبالغ في دباغه كان أشد لضربه. ويقال: أعرابي محرم إذا لم يخالط أهل الحضر. قال أبو العباس ثعلب: قال أبو عبيدة: أنشد الأخفش أبو الخطاب أبا عمرو بن العلاء:


قالت قتيلة: ما له     قد جللت شيبا شواته



قال أبو عبيدة: قال أبو عمرو لأبي الخطاب لما أنشده شواته: صحفت، إنما هي سراته، ولكنك رأيت الراء منتفخة فصيرتها واوا، قال: فغضب أبو الخطاب وأقبل علي فقال: بل هو شواته، وإنما هو الذي صحف. وقال: [ ص: 345 ]

والله لقد سمعت هذا باليمامة من عدة من الناس.

قال أبو عبيدة: فأخذنا بقول أبي عمرو فما مضت إلا أيام حتى قدم علينا رجل محرم من آل الزبير، فسمعته يحدث بحديث فقال: اقشعرت شواتي، فعلمت أن أبا الخطاب وأبا عمرو أصابا جميعا. وسراة كل شيء أعلاه.

التالي السابق


الخدمات العلمية