صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "ما من يوم إبليس فيه أدحر ولا أدحق من يوم عرفة، إلا ما رأى يوم بدر"، قيل: وما رأى يوم بدر؟ قال: "أما إنه قد رأى جبريل يزع الملائكة" .

أخبرناه محمد بن هاشم، نا الدبري، عن عبد الرزاق، عن مالك، أخبرني إبراهيم بن أبي عبلة، عن طلحة بن عبد الله بن كريز.

قوله: "أدحر" معناه أذل وأبعد. يقال: دحرت الرجل إذا طردته ونحيته عن المكان، ومنه قول الله تعالى: فتلقى في جهنم ملوما مدحورا .

يريد -والله أعلم- مهجورا مقصى. والدحق: قريب من الدحر، يقال: أدحقه الله أي: أبعده، ورجل دحيق سحيق أي: مبعد مطرود. قال حسان بن ثابت:


رجمتك في الشعر حتى خضعـ ت وصرت لحينك فذا دحيقا



وقوله: يزع الملائكة يريد أنه جاء يتقدمهم، فيكف ريعانهم .

ومن هذا قولهم: وزعت الرجل عن الضلالة، ووزعت القلب عن الهوى، قال عمر بن أبي ربيعة:


زع القلب واستبق الحياء فإنما     يبعد أو يدني الرباب المقادر



[ ص: 395 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية