صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: "أنه نزل وأبو بكر بأم معبد وذفان مخرجه إلى المدينة، فأرسلت إليه شاة، فرأى فيها بصرة من لبن، فنظر إلى ضرعها، فقال: "إن بهذه لبنا، ولكن أبغيني شاة ليس فيها لبن"، فبعثت إليه بعناق جذعة، فقبلها"، قال: هشام بن حبيش الكعبي: أنا رأيت الشاة، وإنها لتأدمها، وتأدم صرمتها.

حدثناه أحمد بن إبراهيم بن مالك، نا الدغولي، نا غياث بن حمزة، نا أبو الأشعث حفص بن يحيى التيمي، نا حزام بن هشام بن حبيش الكعبي، سمعت أبي يحدث عن أم معبد بذلك.

قوله: "وذفان مخرجه" معناه: حدثان مخرجه، أو على أثر ذلك من الوقت، أو ما يشبه هذا من الكلام، وقال بعضهم: أصله من الخفة والإسراع في السير. ومنه قيل: توذف الرجل إذا مر مرا سريعا، وهذا كقولهم سرعان ما فعلت ذلك، ووشكان ما رأيت كذا، قال الشاعر:


أتخطب فيهم بعد قتل رجالهم لسرعان هذا والدماء تصبب



[ ص: 422 ] وفي بعض الأمثال: "سرعان ذي إهالة"، وأصله: أن رجلا كان يحمق، فاشترى شاة عجفاء يسيل مخاطها هزالا، فقال: هذه الإهالة تسيل، فقيل: سرعان ذي إهالة: أي ما أسرع هذه الإهالة من إهالة، وذي بمعنى هذه. قال الأصمعي: ليس في الكلام نون تشبه نون الاثنين إلا جاءت مكسورة غير نون شتان وأخواتها. قال: ويشبه أن يكون شتان مصدرا، ونونها مفتوحة في الأحوال كلها، وكذلك وشكان وسرعان وبطآن.

وقوله: "بصرة من لبن" فإنه يريد أثرا من لبن يبصر في الضرع، فأما البصيرة فهي الطريقة من طرائق الدم إذا سالت على الجسد، وجمعها البصائر، والصرم: النفر ينزلون بإبلهم على ماء. والصرمة: القطيع من الإبل ليس بالكثير. ويقال: أدمت الخبز آدمه، والاسم الإدام والأدم، ويقال من اللبن: لبنته ألبنه وألبنه، ومن التمر: تمرته أتمره، ومن اللحم ألحمته بالألف.

التالي السابق


الخدمات العلمية