صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه: "أنه انطلق للبراز فقال لرجل كان معه إيت هاتين الأشاءتين فقل لهما حتى تجتمعا فاجتمعتا فقضى حاجته" [ ص: 125 ] .

حدثنيه محمد بن العباس المكتب نا إسحاق بن إبراهيم بن إسماعيل نا هارون بن إسحاق الهمداني نا مطلب بن زياد عن عمر بن عبد الله عن حكيمة امرأة يعلى عن يعلى.

الأشاء: النخل الصغار قال ذو الرمة:


يستلها جدول كالسيف منصلت مثل الأشاء تسامى حوله العشب

والواحدة أشاءة قال الشاعر:


كأن هزيزنا يوم التقينا     هزيز أشاءة فيها حريق

وهذا كحديثه الآخر الذي يرويه جابر في غزوة بطن بواط قال: "أراد رسول الله الحاجة فاتبعته بإداوة فلم ير شيئا يستتر به وإذا شجرتان بشاطئ الوادي فانطلق إلى إحداهما فأخذ بغصن من أغصانها فقال: "انقادي علي بإذن الله" فانقادت معه كالبعير المخشوش".

حدثنيه بعض أصحابنا نا الهيثم بن كليب نا حمدان الوراق نا هارون بن معروف نا حاتم بن إسماعيل عن يعقوب بن مجاهد أبي حزرة عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جابر بن عبد الله وذكر خروجه مع رسول الله صلى الله عليه صلى الله عليه وسلم في غزوة بطن بواط وهو يطلب النجدي بن عمرو الجهني وفيه إنه وجبار بن صخر تقدما فانطلقا إلى البئر فنزعا في الحوض سجلا أو سجلين ثم مدراه ثم نزعا فيه حتى [ ص: 126 ] أنهقاه فكان رسول الله صلى الله عليه أول طالع فأشرع ناقته فشربت وشنق لها ففشجت وبالت ثم عدل بها فأناخها وذكر قصة الشجرتين وقال يا جابر انطلق إليهما فاقطع من كل واحدة منهما غصنا فقمت فأخذت حجرا فكسرته وحسرته فانذلق لي فقطعت من كل واحدة منهما غصنا " في حديث فيه طول.

البعير المخشوش هو الذي يقاد بخشاشه وهو ما يجعل في أنفه من الخشب فإن كان من شعر قيل له خزامة وإن كان من صفر أو حديد قيل له برة ومدر الحوض أن يطلى بالمدر لئلا يتسرب الماء من خصاصه.

وقوله: أنهقاه غلط والصواب أفهقاه أي ملآه وهو قول الشاعر:


كجابية الشيخ العراقي تفهق

.

ويروى: السيح العراقي وهو الماء السائح أي الجاري.

ومن هذا قوله: "إن أبغضكم إلي الثرثارون المتفيهقون" يريد المسهبين في القول المكثرين له.

وقوله: شنق لها أي عاجها بالزمام والمشنوق الفرس الطويل الرأس الطامح إلى فوق ومثله الشناق وأنشدني بعض أصحابنا قال أنشدنا ابن دريد [ ص: 127 ] :


جميل المحيا بختري إذا مشى     وفي الدرع ضخم المنكبين شناق

وقوله: ففشجت أي تفاجت وفرجت ما بين رجليها لتبول.

وقوله: حسرته أي كشطت ما عليه من لحائه.

وقوله: فانذلق أي صار له حد يقطع به وذلق كل شيء حده وأذلقت الشيء إذا حددته ومنه قولهم ذلق لسانه ذلاقة إذا فصح وذرب [ولسان طلق ذلق].

التالي السابق


الخدمات العلمية