صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه كان يقول في دعائه: "اللهم ما قلت من قول أو حلفت من حلف، أو نذرت من نذر، فمشيئتك بين يدي ذلك كله، ما شئت كان وما لا تشاء لا يكون ولا حول ولا قوة إلا بك، اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت".

حدثنيه محمد بن الحسين، نا محمد بن إسحاق بن خزيمة، نا علي بن خشرم، أنا عيسى بن يونس، عن أبي بكر بن أبي مريم الغساني، عن ضمرة بن حبيب، عن زيد بن ثابت.

[ ص: 647 ] قوله: "فمشيئتك بين يدي ذلك كله" معناه تقديم شرط الاستثناء في أيمانه ونذوره ومواعيده، وتعليقه إياها بما سبق من مشيئة الله فيها، وفي هذا ما دل على جواز تقديم الاستثناء أمام اليمين، وفيه حجة لمن أعمل الاستثناء من غير اتصال بالكلام المستثنى منه، وهو مذهب ابن عباس.

وقوله: "اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعن فعلى من لعنت". الوجه في إعرابه أن يرفع الأول وينصب الثاني، وهو على مذهب الدعاء والمسألة دون الحكاية والإخبار، كأنه يقول: اللهم اجعل صلاتي وثنائي على من أكرمته بصلاتك، وأهلته لثنائك، واصرف لعني وسبي إلى من استوجب لعنك، واستحق عقوبتك.

وهذا كحديثه الآخر الذي يرويه جابر بن عبد الله. حدثنا ابن بنت الشافعي، نا محمد بن إسماعيل الصائغ، نا حجاج بن محمد الأعور قال: قال ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه يقول: "إنما أنا بشر، وإني شرطت على ربي أي عبد من المؤمنين سببته أو شتمته أن يكون ذلك عليه صلاة ورحمة".

قال أبو سليمان في حديث النبي صلى الله عليه أنه قال: "كان نبي من الأنبياء يخط، فمن صادف مثل خطه".

ذكره ابن قتيبة في كتابه فقال: الخطاط هو الذي يخط بإصبعه في الرمل ويزجر. قال: وأخبرني أبو حاتم، عن أبي زيد أنه قال: يقال [ ص: 648 ] للخطين اللذين يخطهما الخطاط في الأرض، ثم يزجر: ابنا عيان، فإذا زجرهما قال: ابني عيان أسرعا البيان، هذا جملة قوله: في تفسير الخط.

قال أبو سليمان : وليس في هذا مقنع لمن أحب أن يقف على صورة الخط وحقيقته، وقد ذكره ابن الأعرابي فأوضحه قال: يأتي صاحب الحاجة إلى الحازي فيعطيه حلوانا؛ وهو جعله. فيقول له: اقعد حتى أخط لك، قال: وبين يدي الحازي غلام معه ميل، ثم يأتي إلى أرض رخوة فيخط خطوطا كثيرة بالعجلة؛ لئلا يلحقها العد، قال: ثم يرجع فيمحو على مهل خطين خطين، فإن بقي منها خطان فهما علامة النجاح، فكانت العرب تسمي ذينك الخطين ابني عيان، فيقول الحازي: ابني عيان أسرعا البيان، وإن بقي خط واحد فهو علامة الخيبة. وقال الشاعر:


جرى ابنا عيان بالشواء المضهب



ذكره لنا أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: ويروى عن ابن عباس أنه قال الخط الذي يخطه الحازي علم قديم تركه الناس.

وحدثنا إبراهيم بن فراس، نا محمد بن حماد الدولابي، نا محمد بن بشار، ثنا يحيى بن سعيد، عن سفيان الثوري، عن صفوان بن سليم، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه في قوله: جل وعز: أو أثارة من علم قال: "الخط".

[ ص: 649 ] رفعه لنا ابن فراس، والأكثرون يقفونه على ابن عباس.

وأخبرني أبو عمر، أنا ثعلب، عن ابن الأعرابي قال: يقال لما يأخذه الكاهن الحلوان، والنشغ والصهميم.

التالي السابق


الخدمات العلمية