صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث أبي هريرة ، " أنه ذكر هاجر فقال : تلك أمكم يا بني ماء السماء ، وكانت أمة لأم إسحاق سارة " .

[ ص: 426 ] .

أخبرناه محمد بن هاشم ، نا الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة .

قوله : يا بني ماء السماء ، يريد العرب ، وهم أولاد إسماعيل ، وإنما نسبوا إلى ماء السماء ؛ لأنهم ينزلون البوادي والقفار وحيث لا ماء به من البقاع ، إنما يتتبعون مواقع قطر السماء ويعيشون بمائها فصاروا كأنهم أولاده وبنوه ، وأنشدنا أبو عمر في نحو من هذا ، أنشدنا ثعلب ، عن ابن الأعرابي يصف سحابة :


جاءت به مشرفة ذراها مثل العروس ناقصا خطاها     كأنما ينطف من كلاها
عناظب الجراد أو دباها     فاشمطت القيعان من رغاها
واتخذتنا كلنا طلاها

والطلا : الولد ، يقول : عشنا بمائها فكأنا صرنا أولادها .

قال أبو عمر : شبه كبار القطر بالعنظب ؛ وهو ذكر الجراد ، وشبه الصغار بالدبا ، وشبه سير السحابة بمشي العروس في تقارب خطاها . والرغا جمع رغوة ، وهو ما يعلو اللبن ، يقول : ابيضت القيعان بمائها كبياض الجفان باللبن .

وقال بعضهم : إنما قيل للعرب بنو ماء السماء ؛ لأنهم من ولد إسماعيل ، وقد فجر الله له زمزم وأعاشه بمائها ، وكان ذلك سقيا من الله ورحمة نزل بها جبريل من السماء فأضيف الماء إليها .

التالي السابق


الخدمات العلمية