صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس : في قوله تعالى : وجعلناكم شعوبا وقبائل ، قال : الشعوب : الجماع ، والقبائل : الأفخاذ يتعارفون بها " . [ ص: 460 ] .

أخبرناه ابن الأعرابي ، نا الدقيقي ، نا يزيد بن هارون ، أنا قيس ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .

الجماع : يكون بمعنيين أحدهما أن يراد به منشأ النسب وأصل المولد ، وجماع كل شيء : مجتمع أصله . ويقال لما اجتمع في الغصن من براعيم النور هذا : جماع الثمر : أي مجتمع أصله ، ولا أراه ذهب إلى هذا ؛ لأن الشعوب هم العجم ، ومن لا يعرف له أصل نسب فهم شعوب : أي متفرقون من أصول شتى ، وإنما أريد بالجماع ها هنا الفرق المختلفة من الناس .

قال الأصمعي : يقال : هم أوزاع من الناس وأوباش وأوشاب ، وهم الضروب المتفرقون ، قال : والجماع مثله ، قال أبو قيس بن الأسلت :


من بين جمع غير جماع

.

وأخبرني ابن الفارسي ، أخبرني محمد بن المؤمل العدوي ، عن الزبير بن بكار ، قال : العرب على ست طبقات وهي : شعب ، وقبيلة ، وعمارة ، وبطن ، وفخذ ، وفصيلة .

فالشعب تجمع القبائل ، والقبائل تجمع العمائر ، والعمائر تجمع البطون ، والبطون تجمع الأفخاذ ، والأفخاذ تجمع الفصائل ؛ فمضر [ ص: 461 ] شعب ، وكنانة قبيلة ، وقريش عمارة ، وقصي بطن ، وهاشم فخذ ، والعباس فصيلة .

قال أبو سليمان : ثم حضرنا في الشعوب وجه آخر وهو أولى من قولنا المتقدم أنه العجم ومن لا يعرف له أصل نسب ، وهو ما روي ، عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية الشعوب : الجمهور مثل مضر .

حدثنيه الأزهري ، نا السعدي ، عن عبد الله بن المستورد ، نا مخول ، نا إسرائيل ، عن أبي حصين ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .

قال أبو سليمان في حديث ابن عباس أنه قال : كان الرجل يرث امرأة ذات قرابة فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها فأحكم الله عن ذلك ونهى عنه .

أخبرناه ابن داسة ، نا أبو داود ، نا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي ، نا علي بن الحسين ، عن أبيه ، عن يزيد النحوي ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

قوله : أحكم الله عن ذلك : أي منع منه ونهى عنه .

.

أخبرني أبو عمر ، أنبأنا ثعلب والمبرد قالا : يقال : حكمت الفرس وأحكمته [وحكمته] إذا قدعته ، وأنشدا جميعا :

[ ص: 462 ]

أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم     إني أخاف عليكم أن أغضبا

قال أبو زيد : يقال : حكمت الرجل تحكيما ، إذا منعته عما يريد .

قال الكسائي : ومثله حضنته عنه أحضنه .

وقال أبو عمرو : أعذبته عنه إعذابا في معناه ، والآية التي نزلت في النهي عن هذا الصنيع قوله عز وجل : يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها الآية .

التالي السابق


الخدمات العلمية