صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث ابن عباس : " أنه قال : لا يزال أمر هذه الأمة مؤاما ما لم ينظروا في الولدان والقدر " .

حدثناه ابن مالك ، نا عمر بن حفص السدوسي ، نا عاصم بن علي ، نا جرير بن حازم ، عن أبي رجاء ، سمعت ابن عباس يقول ذلك .

قوله : مؤاما مثقلة الميم - أي مقاربا من قولك : أمر أمم : أي قصد قريب ، ونظرت إليه من أمم : أي من قرب .

وقال بعض أهل اللغة : أمم ، هو ما بين القرب والبعد .

وقوله : ما لم ينظروا في الولدان ؛ يريد ما لم يتنازعوا الكلام في أطفال المشركين وهم الولدان ، واحدهم وليد ، وما لم يخوضوا في مذاهب أهل الأهواء ، ولم ينكروا القدر . [ ص: 466 ] .

قال أبو سليمان في حديث ابن عباس في قوله : فشاربون شرب الهيم قال : هيام الأرض .

أخبرناه ابن الأعرابي ، نا الزعفراني ، نا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن ابن عباس . الهيام تراب يخالطه رمل ينشف الماء نشفا شديدا ، فأما الهيام فهو شدة العطش ، يقال : بعير أهيم ، وناقة هيماء ، وهو أن يشتد عطشها حتى لا تروى ، قال ذو الرمة :


فأصبحت كالهيماء لا الماء مبرئ صداها ولا يقضي عليها هيامها

وفي صفة الغنم أنهن جوف لا يشبعن ، وهيم لا ينقعن ؛ أي لا يروين ، قال يعقوب : الهيام والهيام داء يأخذ الإبل عن بعض المياه بتهامة ، فيصيبها مثل الحمى ، والعرب تزعم أنه يعدي ، يقولون إن البعير الهائم إذا أنيخ على مبركه بعير أصابه ذلك الداء ، وإذا شم بعير آخر ريحه أعداه .

ومن هذا حديث ابن عمر : " أنه اشترى إبلا فقيل له : إنها هيم ، فأراد أن يردها ، ثم قال : " رضينا بحكم رسول الله ، لا يعدي شيء شيئا " ، ولم يردها .

التالي السابق


الخدمات العلمية