صفحة جزء
معنى الغريب واشتقاقه.

الغريب من الكلام إنما هو الغامض البعيد من الفهم كالغريب من الناس، إنما هو البعيد عن الوطن المنقطع عن الأهل، ومنه قولك للرجل إذا نحيته وأقصيته: اغرب عني: أي ابعد، ومن هذا قولهم: نوى غربة: أي [ ص: 71 ] بعيدة، وشأو مغرب، وعنقاء مغرب: أي جائية من بعد، وكل هذا مأخوذ بعضه من بعض، وإنما يختلف في المصادر، فيقال: غرب الرجل يغرب غربا إذا تنحى وذهب، وغرب غربة إذا انقطع عن أهله، وغربت الكلمة غرابة وغربت الشمس غروبا، ثم إن الغريب من الكلام يقال به على وجهين: أحدهما أن يراد به بعيد المعنى غامضه، لا يتناوله الفهم إلا عن بعد ومعاناة فكر، والوجه الآخر أن يراد به كلام من بعدت به الدار ونأى به المحل من شواذ قبائل العرب، فإذا وقعت إلينا الكلمة من لغاتهم استغربناها، وإنما هي كلام القوم وبيانهم، وعلى هذا ما جاء عن بعضهم وقال له قائل: أسألك عن حرف من الغريب، فقال: هو كلام القوم، إنما الغريب أنت وأمثالك من الدخلاء فيه .

أخبرني الحسن بن خلاد، أنا ابن دريد قال: قال أبو زيد: قلت لأعرابي: ما المحبنطئ؟ قال: المتكأكئ. قلت: ما المتكأكئ؟ قال: المتآزف. قلت: ما المتآزف؟ قال: اذهب، أنت أحمق [ ص: 72 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية