صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث معاوية أن أبا مريم الأزدي قال : دخلت عليه فقال : ما أنعمنا بك يا فلان ؟ قال : وهي كلمة تقولها العرب ، فقلت : حديث سمعته أخبرك به .

أخبرناه ابن داسة ، نا أبو داود ، نا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، نا يحيى بن حمزة ، نا يزيد بن أبي مريم أن القاسم بن مخيمرة أخبره أن أبا مريم الأزدي أخبره بذلك .

قوله : ما أنعمنا بك . كلمة يقولها الرجل لصاحبه إذا جاءه وألم به ، [ ص: 533 ] ولا يقال : ذلك إلا لمن يعتد بلقائه ويسر برؤيته كأنه يقول : ما جاءنا بك وما الذي دعاك إلى أن أتيتنا فأنعمتنا : أي سررتنا بلقائك ، والنعمة : المسرة مضمومة النون يقال : نعم ونعمة عين قال الشاعر :


تراب لأهلي لا ولا نعمة لهم لشد إذا ما قد تعبدني أهلي

ومن هذا قولهم : نعم الله بك عينا وأنعم الله بك عينا : أي أقر بك عين من تحبه ، وكان بعض السلف يكره أن يقال : نعم الله بك عينا .

[وقال : إن الله لا ينعم بشيء ، قال : وإنما يقال : أنعم الله بك عينا] .

وفيه وجه آخر : وهو أن يكون معناه ما الذي أعملك نحونا وجشمك المصير إلينا من قولهم : تنعم الرجل إذا مشى حافيا .

قال بعض أهل اللغة : معناه أن يمشي على نعامة رجله .

قال غيره : إنما قلبت هذه الكلمة على طريق التفاؤل ، وذلك أن الرجلة بؤس وعناء فصرفوها من طريق الفأل إلى النعمة والرخاء فقالوا : تنعم الرجل إذا مشى حافيا ويقال : في مثل هذا ما عزنا بك .

ومنه حديث علي : أخبرناه ابن هاشم ، نا الدبري ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أبان ، عن رجل ذكره : أن أبا موسى الأشعري عاد الحسن بن علي فدخل علي فقال : ما عزنا بك أيها الشيخ ، فقال : سمعت بوجع ابن أخي فأحببت أن أعوده .

[ ص: 534 ] يقال : عززت الرجل إذا جئته زائرا وفلان عزيز في بني فلان إذا كان نزيلا فيهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية