صفحة جزء
وقال أبو سليمان في حديث الأحنف: "أنه كان في بعض الحروب، فحمل على العدو، ثم انصرف وهو يقول:


إن على كل رئيس حقا أن يخضب الصعدة أو تندقا



فقيل له: أين الحلم يا أبا بحر؟ فقال: عند الحبا".

ذكره أبو عمر، عن أبي العباس ثعلب، عن عمر بن شبة.

الصعدة: القناة المستوية، قال الشاعر:


يهزهز صعدة جرداء فيها     نقيع السم أو قرن محيق



الحبا: جمع حبوة، يريد الاحتباء، وهو أن يجمع ظهره ورجليه بثوب.

ويقال: العمائم تيجان العرب، والحبا حيطانها، يقال: حبوة، [ ص: 38 ] بكسر الحاء، وحبوة بضمها، والكسر أعلى، قال جرير:


قتل الزبير وأنت عاقد حبوة     تبا لحبوتك التي لم تحلل



يريد: أن الحلم إنما يحسن في السلم إذا قعد القوم في الأفنية واحتبوا بالأردية، فأما الحرب فإن الحلم فيها عجز.

ويروى عن الأحنف أنه قال: "لا تزال العرب عربا ما لبست العمائم، وتقلدت السيوف، ولم تعدد الحلم ذلا، ولا التواهب فيما بينها ضعة".

قال أبو العباس محمد بن يزيد: قوله: ما لبست العمائم، يقول: ما حافظت على زيها.

وقوله: وتقلدت السيوف، يريد الامتناع من الضيم، وقوله: ولم تعدد الحلم ذلا، هو أن تعرف موضع الحلم، وهو ألا تكون تخاف أحدا، ولا تخاف عاقبة تكرهها.

وقوله: ولا التواهب ضعة، فهو أن يهب الرجل من حقه ما لا يستكره عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية