صفحة جزء
1070 - وقال " أبو عبيد " في حديث " الحسن": " ما من أحد عمل لله [عز وجل] عملا إلا سار في قلبه سورتان، فإذا كانت الأولى منهما لله فلا تهيدنه الآخرة".

قال: سمعت " ابن عدي" يحدثه، عن " عوف" ، عن " الحسن" [ ص: 502 ] .

قوله: لا تهيدنه، يقول: لا تصرفنه عن ذاك، ولا تزيلنه.

يقال منه: هدت الرجل أهيده هيدا وهادا: إذا زجرته عن الشيء، وصرفته عنه، وأنشدني " الأحمر":


حتى استقامت له الآفاق طائعة فما يقال له هيد ولا هاد

قوله: هيد ولا هاد: خفض في موضع الرفع، وهذا على الحكاية، كقولك: مه، وصه، وغاق، ونحوه، وقد يروى بالرفع، وهو جائز، ومعناه أنه لا يمنع من شيء.

ونرى أن حديث " النبي " - صلى الله عليه وسلم - من هذا حين قيل له في المسجد: يا رسول الله هذه. فقال: " بل عرش كعرش موسى" [ ص: 503 ] .

كان " سفيان بن عيينة" - فيما بلغني عنه - يقول: معنى هده: أصلحه. ومعنى هذا الحديث كما قال " سفيان" ، ولكنه إصلاح بعد هدم الأول، فإنما هذه: أزل هذا عن موضعه، وابن غيره.

والذي أراد " الحسن" بقوله: فلا تهيدنه الآخرة، يقول: إذا صحت نيته في أول ما يريد الأمر من البر، فعرض له الشيطان، فقال: إنك تريد بهذا الرياء، فلا يمنعه ذلك من الأمر الذي قد تقدمت فيه نيته، وهذا شبيه بالحديث الآخر: " إذا أتاك الشيطان، وأنت تصلي، فقال: إنك ترائي، فزدها طولا".

التالي السابق


الخدمات العلمية