صفحة جزء
109 - وقال أبو عبيد في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

أقروا الطير على مكناتها" [ ص: 343 ] .

وبعضهم يقول: "مكناتها".

قال أبو زياد الكلابي، وأبو طيبة الأعرابي، وغيرهما من الأعراب، أو من - قال منهم: لا نعرف للطير مكنات، وإنما هي الوكنات، قال "امرؤ القيس":


وقد أغتدي والطير في وكناته بمنجرد قيد الأوابد هيكل

وواحد الوكنات وكنة، وهي موضع عش الطائر.

ويقال له أيضا: وكر - بالراء - .

فأما الوكن - بالنون - فهو العود الذي يبيت عليه الطائر.

قالوا: فأما المكنات: فهي بيض الضباب، وواحدتها مكنة.

يقال منه: قد مكنت الضبة وأمكنت، فهي ضبة مكون: إذا جمعت البيض [ ص: 344 ] .

ومنه حديث "أبي وائل": "ضبة مكون أحب إلي من دجاجة سمينة".

وجمع المكنة مكنات ومكن.

قال أبو عبيد [و] هكذا روي الحديث، وهو جائز في الكلام، وإن كان المكن للضباب أن تجعل للطير تشبيها بذلك كالكلمة تستعار، فتوضع في غير موضعها، ومثله كثير في كلام العرب، كقولهم مشافر الحبش، وإنما المشافر للإبل، وكقول "زهير" يصف الأسد:


له لبد أظفاره لم تقلم

وإنما هي المخالب.

وكقول "الأخطل":


وفروة ثفر الثورة المتضاجم

[ ص: 345 ] وإنما الثفر للسباع.

وقد يفسر هذا الحديث على غير هذا التفسير.

يقال: أقروا الطير على مكناتها، يراد: على أمكنتها، ومعناه الطير التي يزجر بها.

يقول: فلا تزجروا الطير، ولا تلتفتوا إليها، أقروها على مواضعها التي جعلها الله [تبارك وتعالى] بها: أي إنها لا تضر ولا تنفع، ولا تعدوا ذلك إلى غيره. وكلاهما له وجه، ومعنى والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية