صفحة جزء
158 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 25 ] حين استأذن عليه "أبو سفيان "، فحجبه، ثم أذن له، فقال: "ما كدت تأذن لي حتى تأذن لحجارة الجلهمتين ".

فقال: يا أبا سفيان! أنت كما قال القائل: "وكل الصيد في جوف الفرإ ". أو قال: "في بطن الفرإ"
الشك من - "أبي عبيد ".

قال "الأصمعي ": الفرأ مهموز مقصور، قال: وهو حمار الوحش [ ص: 26 ] .

قال: وجمع الفرإ: فراء ممدود، وأنشدنا [في نعت الحرب] :


بضرب كآذان الفراء فضوله وطعن كإيزاغ المخاض تبورها

[ ص: 27 ] أراد أن الضرب بالسيف يقع بالأجساد، فيكشط عنها اللحم، فيبقى متدليا كآذان الحمر.

وقوله: "كإيزاغ المخاض ": يعني قذف الإبل بأبوالها، فهي توزغ به، [وذلك] إذا كانت حوامل، شبه الطعن به.

وقوله: تبورها: تخبرها أنت.

وإنما مذهب هذا الحديث أنه أراد - صلى الله عليه وسلم - أن يتألفه بهذا الكلام، وكان من المؤلفة قلوبهم.

فقال: "أنت في الناس كحمار الوحش في الصيد "، يعني أنها كلها دونه [ ص: 28 ] .

وقول "أبي سفيان ": حجارة الجلهمتين: أراد جانبي الوادي. والمعروف في كلام العرب الجلهتان.

قال "الأصمعي ": والجلهة: ما استقبلك من حروف الوادي، وجمعها جلاه، وقال "لبيد ":


فعلا فروع الأيهقان وأطفلت     بالجلهتين ظباؤها ونعامها

[ ص: 29 ] ويروى: [فعلا] فروع "بالنصب أيضا. وقال الشماخ ":

كأنها وقد بدا عوارض

والليل بين قنوين رابض

بجلهة الوادي قطا نواهض

قال: ولم أسمع بالجلهمة إلا في هذا الحديث، وما جاءت إلا ولها أصل [ ص: 30 ] .

والمعروف من هذا جلهة.

التالي السابق


الخدمات العلمية