صفحة جزء
165 - وقال: أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "لا تصروا الإبل والغنم، [ ص: 60 ] ومن اشترى مصراة، فهو بآخر النظرين؛ إن شاء ردها، ورد معها صاعا من تمر" [ ص: 61 ] .

قال: حدثناه "هشيم" قال: أخبرنا "مغيرة" عن "إبراهيم" عن "أبي هريرة" عن النبي - صلى الله عليه وسلم - :

قوله: "مصراة ": يعني الناقة، أو البقرة، أو الشاة التي قد صري اللبن في ضرعها.

يعني حقن فيه، وجمع أياما، فلم تحلب.

وأصل التصرية: حبس الماء وجمعه.

يقال: قد صريت الماء، وصريته، قال "الأغلب ".

رأت غلاما قد صرى في فقرته.

ماء الشباب عنفوان شرته [ ص: 62 ] .

ويقال: هذا ماء صرى، مقصور، قال "عبيد [بن الأبرص] ":


يا رب ماء صرى وردته سبيله خائف جديب

ويقال: منه سميت المصراة، كأنها مياه اجتمعت.

وكان بعض الناس يتأول في المصراة: أنه من صرار الإبل، وليس هذا من ذاك في شيء [ ص: 63 ] .

لو كان من ذاك، لقال مصرورة، وما جاز أن يقال ذلك في البقر والغنم؛ لأن الصرار لا يكون إلا للإبل.

وفي حديث آخر: "أنه نهى عن بيع المحفلة ".

وقال: "إنها خلابة ".

فالمحفلة: هي المصراة بعينها.

قال: حدثنا "يزيد" عن "سليمان التيمي" عن "أبي عثمان النهدي" عن "ابن مسعود" قال:

"من اشترى محفلة، فردها [ ص: 64 ] .

فليرد معها صاعا [من تمر] .

قال "أبو عبيد ": وإنما سميت محفلة؛ لأن اللبن [قد] حفل في ضرعها، واجتمع، وكل شيء كثرته فقد حفلته.

ومنه قيل: قد احتفل القوم: إذا اجتمعوا، وكثروا؛ ولهذا سمي محفل القوم، وجمع المحفل محافل.

وقوله: "لا خلابة" [يعني الخداع]
[ ص: 65 ] .

يقال منه: خلبته أخلبه خلابة: إذا خدعته .

ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - :

قال: حدثناه "إسماعيل بن جعفر" عن "عبد الله بن دينار" عن "ابن عمر" أن رجلا كان يخدع في البيع، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "إذا بايعت، فقل: لا خلابة" [ ص: 66 ] .

وفي حديث المصراة والمحفلة أصل لكل من باع سلعة، وقد زينها بالباطل أن البيع مردود إذا علم به المشتري؛ لأنه غش وخداع.

وقوله: "ويرد معها صاعا"؛ كأنه إنما جعله قيمة لما نال المشتري من اللبن.

وكان "أبو يوسف" يقول: إنما عليه القيمة [ ص: 67 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية