صفحة جزء
146 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - : "الغيرة من الإيمان، والمذاء من النفاق" [ ص: 108 ] .

قال: حدثناه غير واحد، عن "داود بن قيس الفراء" عن "زيد ابن أسلم" يرفعه.

وبعضهم يقول: المذال - باللام - ولا أرى المحفوظ إلا الأول.

وتفسيره عند الفقهاء: أن يدخل الرجل الرجال على أهله.

وهذا هو الذي يروى في حديث آخر: أنه الذي يقال له: القنذع، والقنذع أيضا، وهو الديوث.

ولا أحسب هاتين الكلمتين إلا "بالسريانية ".

فإن كان المذاء هو المحفوظ، فإنه أخذ من [ ص: 109 ] المذي: يعني أن يجمع بين الرجال والنساء، ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضا مذاء.

[قال "أبو عبيد"] : لا أعرف للحديث وجها غيره.

وقد حكى بعض أهل العلم أنه [قال] : يقال: أمذيت فرسي: إذا أرسلته يرعى [ ص: 110 ] .

ويقال: مذيته، فإن كان من هذا، فإنه يذهب به إلى ما أعلمتك [أنه يرسل الرجال على النساء] وهو وجه.

وأما المذال - باللام - فإن أصله أن يمذل الرجل بسره، وقد يقال: يمذل: يعني أن يقلق به حتى يظهره.

وكذلك يقلق بمضجعه حتى يتحول عنه، وبماله حتى ينفقه، قال "الأسود بن يعفر ":


ولقد أروح على التجار مرجلا مذلا بمالي لينا أجيادي

يقول: أجود بمالي لا أقدر على إمساكه [ ص: 111 ] .

وقال "الراعي ":


ما بال دفك بالفراش مذيلا     أقذى بعينك أم أردت رحيلا

وقال الآخر [وهو سابق] :


فلا تمذل بسرك كل سر     إذا ما جاوز الاثنين فاشي

فهذا قد يخرج على معنى هذه الأشعار.

يقول هذا قد قلق عن مضجعه حتى زال عنه، وأطلع الرجال على [ ص: 112 ] سره فيما بينه وبين أهله من قلقه به [وأنه زال لهم عن فراشه] .

التالي السابق


الخدمات العلمية