179 - وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12074 "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "أن المهاجرين قالوا: يا رسول الله! إن الأنصار قد فضلونا، إنهم آوونا، وفعلوا بنا، وفعلوا.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - :
ألستم تعرفون ذلك لهم؟
قالوا: نعم
[ ص: 124 ] .
قال: فإن ذاك.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074 "أبو عبيد ": ليس في الحديث غير هذا.
قال: حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=17249 "هشيم" عن
"يونس" عن
"الحسن" يرفعه.
قوله: فإن ذاك، معناه - والله أعلم - : فإن معرفتكم بصنيعهم وإحسانهم مكافأة منكم لهم.
كحديثه الآخر: "من أزلت إليه نعمة، فليكافئ بها، فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنا ".
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "فإن ذاك ".
يريد هذا المعنى.
وهذا اختصار من كلام العرب، يكتفى منه بالضمير؛ لأنه قد
[ ص: 125 ] علم معناه وما أراد به القائل، وهو من أفصح كلامهم.
وقد بلغنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004 "سفيان الثوري" قال:
جاء رجل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16673 "عمر بن عبد العزيز" من
"قريش" يكلمه في حاجة له، فجعل يمت بقرابته، فقال [له] "عمر ": "فإن ذاك ".
ثم ذكر له حاجته، فقال [له] : "لعل ذاك ".
لم يزده على أن قال: "فإن ذاك" و"لعل ذاك ".
أي إن ذاك كما قلت، ولعل حاجتك أن تقضى.
وقال
"ابن قيس الرقيات ": بكرت (علي عواذلي ) يلحينني وألو مهنة ويقلن شيب قد علا
ك وقد كبرت فقلت إنه
[ ص: 126 ] أي إنه قد كان كما تقلن.
[قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد] : والاختصار في كلام العرب كثير لا يحصى، وهو عندنا أعرب الكلام وأفصحه، وأكثر ما وجدناه في القرآن.
من ذلك قوله [ - سبحانه - ] :
فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق إنما معناه - والله أعلم - : فضربه فانفلق.
ولم يقل: فضربه، أنه حين قال: "أن اضرب بعصاك "، علم أنه قد ضربه
[ ص: 127 ] .
ومنه قوله [ - سبحانه - ] :
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام
اختصر، واكتفى منه بقوله:
ولا تحلقوا رءوسكم
وكذلك قوله:
قال موسى أتقولون للحق لما جاءكم أسحر هذا ولم يخبر عنهم في هذا الموضع أنهم قالوا: إنه سحر
[ ص: 128 ] .
ولكن لما قال:
أسحر هذا علم أنهم [قد] قالوا: "إنه سحر ".
وكذلك قوله:
وجعل لله أندادا ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة
يقال في التفسير معناه:
أهذا أفضل أمن هو قانت؟
فاكتفى بالمعرفة بالمعنى
[ ص: 129 ] .
وهذا أكثر من أن يحاط به.
وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=13668 "الأحمر" nindex.php?page=showalam&ids=13672للأخطل: لما رأونا والصليب طالعا ومار سرجيس وموتا ناقعا
خلوا لنا "راذان" والمزارعا" كأنما كانوا غرابا واقعا
[ ص: 130 ] أراد: فطار فترك الحرف الذي فيه المعنى؛ لأنه قد علم ما أراد.