صفحة جزء
215 - وقال "أبو عبيد" في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذكر المنافقين، وما في التنزيل من ذكرهم، ومن ذكر [ ص: 283 ] الكفار يقال - والله أعلم - : إنما سمي المنافق منافقا؛ لأنه نافق كاليربوع، وإنما هو دخوله نافقاءه.

يقال منه: قد نفق فيه، ونافق، وهو جحره، وله جحر آخر، يقال له: القاصعاء، فإذا طلب قصع، فخرج من القاصعاء، فهو يدخل في النافقاء، ويخرج من القاصعاء، أو يدخل في القاصعاء، ويخرج [ ص: 284 ] من النافقاء.

فيقال: هكذا يفعل المنافق، يدخل في الإسلام، ثم يخرج منه من غير الوجه الذي دخل فيه.

وأما الكافر، فيقال - والله أعلم - : إنه إنما سمي كافرا؛ لأنه متكفر بالله كالمتكفر بالسلاح، وهو الذي قد ألبسه السلاح حتى غطى كل شيء منه، فكذلك غطى الكفر قلب الكافر.

ولهذا قيل لليل: كافر؛ لأنه ألبس كل شيء، قال "لبيد" يذكر الشمس:


حتى إذا ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها

[ ص: 285 ] [الثغور: الخلل] .

وقال أيضا:


في ليلة كفر النجوم غمامها

يقول: غطاها السحاب [ ص: 286 ] .

وقد يقال في المنافق [أيضا] : إنما سمي منافقا للنفق، وهو السرب في الأرض، والتفسير الأول أعجب إلي .

ويقال في الكافر: سمي بذلك للجحود، كما يقال: كافرني فلان حقي: إذا جحدني.

التالي السابق


الخدمات العلمية